[بَابٌ الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ الْأَشْيَاءِ قَبْلَ مَجِيءِ السَّمْعِ فِي الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ]
بَابٌ
الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ الْأَشْيَاءِ قَبْلَ (مَجِيءِ) السَّمْعِ:
- فِي الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ - قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَحْكَامُ أَفْعَالِ الْمُكَلَّفِ الْوَاقِعَةِ عَنْ قَصْدٍ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْحَاءٍ فِي الْعَقْلِ: مُبَاحٌ، وَوَاجِبٌ، وَمَحْظُورٌ.
فَالْمُبَاحُ: مَا لَا يَسْتَحِقُّ الْمُكَلَّفُ بِفِعْلِهِ ثَوَابًا، وَلَا بِتَرْكِهِ عِقَابًا. وَالْوَاجِبُ: مَا يَسْتَحِقُّ بِفِعْلِهِ الثَّوَابَ، وَبِتَرْكِهِ الْعِقَابَ. وَالْمَحْظُورُ: مَا يَسْتَحِقُّ بِفِعْلِهِ الْعِقَابَ، وَبِتَرْكِهِ الثَّوَابَ.
ثُمَّ اخْتَلَفَ النَّاسُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي (حُكْمِ) الْأَشْيَاءِ الَّتِي يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهَا قَبْلَ مَجِيءِ السَّمْعِ.
فَقَالَ قَائِلُونَ: هِيَ كُلُّهَا مُبَاحَةٌ، إلَّا مَا دَلَّ الْعَقْلُ عَلَى قُبْحِهِ، أَوْ عَلَى وُجُوبِهِ.
فَمَا دَلَّ الْعَقْلُ عَلَى قُبْحِهِ: الْكُفْرُ، وَالظُّلْمُ، وَالْكَذِبُ، وَنَحْوُهَا، فَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ مَحْظُورَةٌ فِي الْعَقْلِ.
وَمَا دَلَّ الْعَقْلُ عَلَى وُجُوبِهِ: التَّوْحِيدُ، وَشُكْرُ الْمُنْعِمِ، وَمَا جَرَى مَجْرَى ذَلِكَ.
وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَهُوَ مُبَاحٌ، قَالُوا: وَمَعْنَى قَوْلِنَا مُبَاحٌ: أَنَّهُ لَا تَبِعَةَ عَلَى فَاعِلِهِ، وَلَا يَسْتَحِقُّ بِفِعْلِهِ ثَوَابًا، عَلَى مَا بَيَّنَّا.
وَقَالَ آخَرُونَ: مَا عَدَا مَا دَلَّ الْعَقْلُ عَلَى وُجُوبِهِ مِنْ نَحْوِ: الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَشُكْرِ الْمُنْعِمِ، وَنَحْوِهِمَا فَهُوَ مَحْظُورٌ.
وَقَالَ آخَرُونَ: لَا يُقَالُ فِي الْأَشْيَاءِ قَبْلَ وُرُودِ السَّمْعِ: إنَّهَا مُبَاحَةٌ (وَلَا يُقَالُ) : إنَّهَا مَحْظُورَةٌ، لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ تَقْتَضِي مُبِيحًا، وَالْحَظْرَ يَقْتَضِي حَاظِرًا، وَقَالُوا مَعَ ذَلِكَ: لَا تَبِعَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute