[فَصْلٌ فِيمَا احْتَجَّ بِهِ مُبْطِلُو الْقِيَاسِ]
فَصْلٌ.
فِيمَا احْتَجَّ بِهِ مُبْطِلُو الْقِيَاسِ مِنْ (جِهَةِ) ظَاهِرِ الْكِتَابِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: ١] فَزَعَمُوا أَنَّ اسْتِعْمَالَ الْقِيَاسِ وَاجْتِهَادَ الرَّأْيِ تَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وقَوْله تَعَالَى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمْ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ} [النحل: ١١٦] قَالُوا: مَنْ حَرَّمَ أَوْ حَلَّلَ بِغَيْرِ نَصٍّ فَقَدْ شَمِلَهُ حُكْمُ هَذِهِ الْآيَةِ، وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: ٣٨] وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} [الأعراف: ٣] وَبِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: ٣٦] وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: ١٦٩] . وَالْقِيَاسُ الشَّرْعِيُّ لَا يُفْضِي بِقَائِسِهِ إلَى حَقِيقَةِ الْعِلْمِ، فَهَذَا بَاطِلٌ. الْجَوَابُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ: أَنَّ قَوْلَهُ {لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: ١] لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى نَفْيِ الْقِيَاسِ،؛ لِأَنَّ حُكْمَ اللَّهِ تَعَالَى مُسْتَدْرَكٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: نَصٍّ، أَوْ دَلَالَةٍ، وَالْقَائِسُونَ إنَّمَا تَبِعُوا الدَّلَائِلَ عِنْدَ عَدَمِ النَّصِّ، فَإِذَا كَانَ اللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمُتَوَلِّيَ لِنَصْبِ الدَّلَائِلِ عَلَى أَحْكَامِهِ، فَلَيْسَ مُتَّبِعُ الدَّلِيلِ مُتَقَدِّمًا بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَيُقْلَبُ هَذَا عَلَيْهِمْ. فَيُقَالُ لَهُمْ: مَا أَنْكَرْتُمْ أَنْ يَكُونَ نَفْيُ الْقِيَاسِ تَقَدُّمًا بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ،؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَنُصَّ عَلَى نَفْيِ الْقِيَاسِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute