للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بَابُ الْقَوْلِ فِي الْوُجُوهِ الَّتِي يُوصَلُ بِهَا إلَى أَحْكَامِ الْحَوَادِثِ]

ِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: تُسْتَدْرَكُ أَحْكَامُ الْحَوَادِثِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا تَوْقِيفٌ وَلَا اتِّفَاقٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: اسْتِخْرَاجُ دَلَالَةٍ مِنْ مَعْنَى التَّوْقِيفِ لَا يَحْتَمِلُ إلَّا مَعْنًى وَاحِدًا.

وَالْآخَرُ: الِاجْتِهَادُ، وَهُوَ فِيمَا لَمْ نُكَلَّفْ فِيهِ إصَابَةَ الْمَطْلُوبِ، وَذَلِكَ يَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: اسْتِخْرَاجُ عِلَّةٍ مِنْ أَصْلٍ يُرَدُّ بِهَا عِلَّةُ الْفَرْعِ، وَيُحْكَمُ لَهُ بِحُكْمِهِ، وَهُوَ الَّذِي نُسَمِّيهِ قِيَاسًا.

وَالْآخَرُ: الِاجْتِهَادُ وَمَا يَغْلِبُ فِي الظَّنِّ، لَا عَلَى وَجْهِ الْقِيَاسِ، وَالِاسْتِشْهَادِ عَلَيْهِ بِالْأُصُولِ.

وَالثَّالِثُ: الِاسْتِدْلَال عَلَى الْحُكْمِ بِالْأُصُولِ مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ وَالِاجْتِهَادِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا.

فَأَمَّا الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: فَنَحْوُ احْتِجَاجِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ حِينَ خَالَفَهُ الصَّحَابَةُ فِي قِتَالِ مَانِعِي الزَّكَاةِ، فَقَالَ: (لَأُقَاتِلَنَّ) مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ. فَقَالُوا: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ، وَأَمْوَالَهُمْ، إلَّا بِحَقِّهَا» فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ هَذَا مِنْ حَقِّهَا) . فَتَبَيَّنُوا صِحَّةَ اسْتِخْرَاجِهِ وَرَجَعُوا (إلَى قَوْلِهِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>