وَيَكُونُ مِنْهُ أَيْضًا بَيَانُ مُدَّةِ الْفَرْضِ بِهَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ وَهُوَ النَّسْخُ نَحْوُ قَوْله تَعَالَى {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِك فِي السَّمَاءِ} [البقرة: ١٤٤] ثُمَّ قَالَ (تَعَالَى) {فَوَلِّ وَجْهَك شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٤٤] ، وَنَحْوُ قَوْله تَعَالَى {وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إخْرَاجٍ} [البقرة: ٢٤٠] ، ثُمَّ نُسِخَ مِنْهُ مَا عَدَا الْأَرْبَعَةَ الْأَشْهُرِ وَالْعَشْرِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: ٢٣٤] . وَكَانَ حَدُّ الزَّانِينَ الْحَبْسَ وَالْأَذَى بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ} [النساء: ١٥] إلَى آخِرِهِ، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: ٢] فَنَسَخَ بِهِ الْحَبْسَ وَالْأَذَى الْمَذْكُورَيْنِ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى عَنْ غَيْرِ الْمُحْصَنِ.
[الْبَيَانُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى بِالنِّسْبَةِ الدَّالَّةِ]
وَيَكُونُ مِنْهُ تَعَالَى الْبَيَانُ بِالنِّسْبَةِ الدَّالَّةِ وَذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ. أَحَدُهُمَا: الْعَقْلِيَّاتُ وَدَلَائِلُهَا، وَالْبَيَانُ بِهَا أَكْثَرُ مِنْ دَلَالَةِ اللَّفْظِ، لِأَنَّ اللَّفْظَ يَجُوزُ فِيهِ التَّخْصِيصُ وَصَرْفُهُ عَنْ الْحَقِيقَةِ إلَى الْمَجَازِ، وَالدَّلَائِلُ الْعَقْلِيَّةُ الدَّالَّةُ عَلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَدْلِهِ وَسَائِرِ صِفَاتِهِ لَا يَجُوزُ عَلَيْهَا الِانْقِلَابُ وَالتَّخْصِيصُ فَهِيَ آكَدُ مِنْ اللَّفْظِ فِي هَذَا الْبَابِ فَكَانَ الْبَيَانُ وَاقِعًا بِهَا.
وَالْوَجْهُ الْآخَرُ: مَا كَانَ طَرِيقُهُ الِاجْتِهَادَ بَيْنَ فُرُوعِ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ وَقَدْ قَامَتْ الدَّلَائِلُ الْمُوجِبَةُ لِصِحَّةِ الْقَوْلِ بِالِاجْتِهَادِ فَجَازَ أَنْ يُسَمَّى مَا يُؤَدِّينَا إلَيْهِ بَيَانًا وَإِنْ (كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute