للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَضْمِينُهُ بِغَيْرِهِ إلَّا بِدَلَالَةٍ، وَلِأَنَّ حُكْمَ الْكَلَامِ أَنْ يَكُونَ مَحْمُولًا عَلَى فَائِدَةٍ مُحَدَّدَةٍ وَحُكْمٍ مُسْتَأْنَفٍ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرُدَّهُ إلَى الْأَوَّلِ وَيَجْعَلَهُ تَكْرَارًا إلَّا بِدَلَالَةٍ. وَالدَّلَالَةُ الْمُوجِبَةُ لِذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِي مَضْمُونِ اللَّفْظِ وَظَاهِرِ الْحَالِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِي غَيْرِهِ، نَحْوُ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا وَجَدْت الْمَاءَ فَأَمِسَّهُ جِلْدَك» ثُمَّ يَقُولُ فِي حَالٍ أُخْرَى «إذَا وَجَدْت الْمَاءَ فَأَمِسَّهُ جِلْدَك» ، مَعْلُومٌ مِنْ ظَاهِرِ الْخِطَابِ وَالْحَالِ الَّتِي خَرَجَ عَلَيْهَا الْكَلَامُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِالثَّانِي غَيْرَ الْأَوَّلِ فَلَا يَجِبُ تَكْرَارُ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ لِأَجْلِ تَكْرَارِ اللَّفْظِ، لِأَنَّ تَكْرَارَهُ إنَّمَا تَعَلَّقَ بِسُؤَالٍ سَائِلٍ أَوْ حُدُوثِ حَالٍ اُحْتِيجَ فِيهِ إلَى بَيَانِ الْحُكْمِ لِغَيْرِ مَنْ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ أَوَّلًا، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي غَيْرَ الْأَوَّلِ.

[فَصْلٌ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْأَمْرِ أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُورُ مُمَكَّنًا مِنْ فِعْلِهِ فِي حَالِ لُزُومِهِ]

فَصْلٌ: (قَالَ أَبُو بَكْرٍ) : مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْأَمْرِ أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُورُ مُمَكَّنًا مِنْ فِعْلِهِ فِي حَالِ لُزُومِهِ، وَلَا اعْتِبَارَ بِحَالِ فُصُولِ الْأَمْرِ مِنْ الْآمِرِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ: أَنَّ أَوَامِرَ اللَّهِ تَعَالَى قَدْ تَنَاوَلَتْ جَمِيعَ النَّاسِ مِنْ الْمُكَلَّفِينَ مِمَّنْ كَانَ مِنْهُمْ فِي عَصْرِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَمَنْ حَدَثَ بَعْدَهُمْ إلَى قِيَامِ السَّاعَةِ، وَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {نَذِيرًا لِلْبَشَرِ} [المدثر: ٣٦] وقَوْله تَعَالَى {لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>