للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بَابُ نَسْخِ الْحُكْمِ بِمَا هُوَ أَثْقَلُ مِنْهُ]

اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ. فَقَالَ قَائِلُونَ وَهُمْ الْأَكْثَرُ: لَا يَمْتَنِعُ نَسْخُ الْحُكْمِ بِمَا هُوَ مِثْلُهُ وَبِمَا هُوَ أَخَفُّ مِنْهُ وَبِمَا هُوَ أَثْقَلُ مِنْهُ. وَقَالَ آخَرُونَ لَا يُنْسَخُ حُكْمٌ إلَّا بِمَا هُوَ أَخَفُّ مِنْهُ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ يُنْسَخُ بِمِثْلِهِ وَبِمَا هُوَ أَخَفُّ مِنْهُ، وَلَا يُنْسَخُ بِمَا هُوَ أَثْقَلُ مِنْهُ. وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَاتَيْنِ الْمَقَالَتَيْنِ إنَّمَا هِيَ تَظْنِينٌ وَحُسْبَانٌ مِنْ قَائِلِيهَا لَا يَرْجِعُ مِنْهَا إلَى دَلَالَةٍ يُعَضِّدُ بِهَا مَقَالَتَهُ. وَالصَّحِيحُ هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ. وَهُوَ عِنْدِي قَوْلُ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -.

وَالْأَصْلُ فِيهِ: أَنَّ الْعِبَادَاتِ إنَّمَا تَرِدُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى (عَلَى) حَسَبِ مَا يَعْلَمُ مِنْ مَصَالِحِنَا فِيهَا، وَلَيْسَ يَمْتَنِعُ أَنْ تَكُونَ الْمَصْلَحَةُ تَارَةً فِي الْأَخَفِّ وَتَارَةً فِي الْأَثْقَلِ، فَيُنْقَلُ (الْمُتَعَبِّدُ) مِنْ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ عَلَى حَسَبِ مَا تَقْتَضِيهِ الْمَصْلَحَةُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَدْ يَنْقُلُهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>