للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ فِيمَنْ رَدِّ الْأَخْبَارَ الْمُخْتَلَفَ فِيهَا وَأَثْبَتَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا]

فَصْلٌ

وَأَمَّا مَنْ رَدَّ الْأَخْبَارَ الْمُخْتَلَفَ فِيهَا وَأَثْبَتَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا فَقَوْلُهُ ظَاهِرُ الْفَسَادِ. وَيُقَالُ لَهُمْ: أَلَيْسَ خِلَافُ مَنْ خَالَفَ فِي صِحَّةِ وُقُوعِ الْعِلْمِ بِالْإِخْبَارِ عَنْ الْبُلْدَانِ الثَّابِتَةِ لَمْ يَقْدَحْ عِنْدَكُمْ فِي صِحَّتِهَا، وَوُقُوعِ الْعِلْمِ بِمُخْبِرِهَا، مَعَ وُجُودِ الْخِلَافِ مِنْ هَذِهِ الطَّائِفَةِ مِنْهَا. فَهَلَّا اسْتَدْلَلْتُمْ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ خِلَافَ مَنْ خَالَفَ لَا يَقْدَحُ فِي صِحَّةِ الْمَقَالَةِ بَعْدَ قِيَامِ الدَّلَالَةِ عَلَى صِحَّتِهَا.

وَأَيْضًا: فَإِنَّ سَائِرَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي طَرِيقُ مَعْرِفَتِهَا وَالْعِلْمِ بِهَا الْعَقْلُ لَا الِاعْتِبَارُ فِيهَا بِالْإِجْمَاعِ، وَلَا الِاخْتِلَافُ، وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ فِيهَا قِيَامُ الدَّلَالَةِ عَلَى صِحَّةِ الصَّحِيحِ، وَفَسَادِ الْفَاسِدِ، ثُمَّ إذَا قَامَتْ الدَّلَالَةُ عَلَى صِحَّةِ شَيْءٍ مِنْهَا مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ لَمْ يُعْتَبَرْ خِلَافُ مُخَالِفٍ فِيهَا، وَلَمْ يَقْدَحْ فِي صِحَّتِهِ، فَهَلَّا اعْتَبَرْتُمْ صِحَّتَهَا مِنْ جِهَةِ قِيَامِ الدَّلَالَةِ دُونَ الْإِجْمَاعِ وَالِاخْتِلَافِ، وَعَلَى أَنَّ هَذِهِ الْقَضِيَّةَ تُوجِبُ عَلَى الْيَهُودِ عَلَى أَنْ لَا يَثْبُتَ شَيْءٌ مِنْ أَعْلَامِ مُوسَى لِوُجُودِ الْخِلَافِ فِيهَا، إذْ كَانَتْ الثَّنَوِيَّةُ وَالْمَجُوسُ وَسَائِرُ الْمُلْحِدِينَ يَجْحَدُونَهَا، فَلِمَا صَحَّتْ أَعْلَامُ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِوُجُودِ النَّقْلِ الْمُتَوَاتِرِ الَّذِي يَمْتَنِعُ مَعَهُ التَّوَاطُؤُ، يَجِبُ أَنْ يَصِحَّ وَيَثْبُتَ، وَأَنْ لَا يَقْدَحَ فِيهَا خِلَافُ مَنْ خَالَفَ. .

[فَصْلٌ فِيمَنْ قَالَ لَا نَعْرِفُ صِحَّةَ الْخَبَرِ إلَّا بِقَوْلِ الْمَعْصُومِ]

فَصْلٌ وَأَمَّا مَنْ قَالَ لَا نَعْرِفُ صِحَّةَ الْخَبَرِ إلَّا بِقَوْلِ الْمَعْصُومِ، فَإِنَّ قَوْلَهُ ظَاهِرُ الْفَسَادِ، مِنْ جِهَةِ: أَنَّ عِلْمَ الرُّومِ وَسَائِرِ مُلْكِ الْكَفَرَةِ فِي بِلَادِهَا تَكُونُ أَقَاوِيلُهُمْ وَسَائِرُ مُلُوكِهِمْ وَأَسْلَافِهِمْ وَبُلْدَانِهِمْ النَّائِيَةِ عَنْهَا - كَعِلْمِنَا بِكَوْنِ أَوَائِلِنَا وَأَسْلَافِنَا، فَلَوْ كَانَ صِحَّةُ وُقُوعِ الْعِلْمِ بِالْأَخْبَارِ مَوْقُوفَةً عَلَى قَوْلِ الْمَعْصُومِ لَوَجَبَ أَنْ (لَا) يَعْلَمَ الْكُفَّارُ فِي دَارِ الْحَرْبِ شَيْئًا (مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>