للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا رَامَ تَرْجِيحَ اعْتِلَالِهِ بَعْدَ مُعَارَضَتِك إيَّاهُ بِمَعْنًى آخَرَ، فَقَدْ تَرَكَ الِاسْتِدْلَالَ، وَأَقَلُّ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ اسْتِعْمَالُهُ بِمَعْنًى غَيْرِهِ، مِمَّا يُوجِبُ عِنْدَهُ تَرْجِيحَ عِلَّتِهِ، اعْتِرَافًا مِنْهُ بِأَنَّ الْأَوَّلَ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ بِنَفْسِهِ فِي جِهَةٍ لِلدَّلَالَةِ وَتَصْحِيحِ الْمَقَالَةِ.

، وَإِنْ شِئْنَا نَظَرْنَا فِي جِهَةِ اسْتِدْلَالِهَا هَلْ هُوَ عَلَى مَا ادَّعَى أَمْ لَا؟ وَهَذَا أَوْلَى الْأَمْرَيْنِ وَأَصَحُّهُمَا فِي حَقِّ النَّظَرِ.

فَنَقُولُ لَهُ: مَا الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ فِيمَا ذَكَرْت تَعَلَّقَ بِالْبَيْنُونَةِ فَحَسْبُ؟ وَلِمَ قُلْت: إنَّ امْتِنَاعَ وُقُوعِ طَلَاقِهِ مُتَعَلِّقٌ بِزَوَالِ النِّكَاحِ، وَوُقُوعَ الْبَيْنُونَةِ مَوْجُودٌ مَعَ وُجُودِهِ، مَعْدُومٌ مَعَ عَدَمِهِ؟ وَمَا أَنْكَرْت أَنْ يَكُونَ امْتِنَاعُ وُقُوعِ (الطَّلَاقِ) بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ مُتَعَلِّقًا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَبِزَوَالِ جَمِيعِ أَحْكَامِ النِّكَاحِ، وَيَكُونَ هَذَا الْمَعْنَى أَوْلَى بِالِاعْتِبَارِ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ الْعِدَّةِ يُوجِبُ بَقَاءَ كَثِيرٍ مِنْ أَحْكَامِ النِّكَاحِ.

وَوُقُوعُ الْبَيْنُونَةِ (لَمْ يَمْنَعْ بَقَاءَ تِلْكَ الْأَحْكَامِ مِنْ نَحْوِ لُزُومِ نَسَبِ وَلَدٍ لَوْ جَاءَتْ بِهِ، وَوُجُوبِ السُّكْنَى وَالنَّفَقَةِ. وَلَمْ يَكُنْ لِوُقُوعِ الْبَيْنُونَةِ)

تَأْثِيرٌ فِي زَوَالِ هَذِهِ الْأَحْكَامِ، وَيَكُونُ اعْتِلَالُهَا بِكَوْنِهَا مُعْتَدَّةً مِنْ طَلَاقٍ أَوْلَى (مِنْ الْحُكْمِ) الَّذِي ذَكَرْنَا أَنَّهُ مَوْجُودٌ بِوُجُودِهِ، وَمَعْدُومٌ بِعَدَمِهِ (لَوْ) تَعَلَّقَ لَمَا وَجَدْنَا لِبَقَاءِ الْعِدَّةِ مِنْ التَّأْثِيرِ فِي بَقَاءِ شَيْءٍ مِنْ أَحْكَامِ النِّكَاحِ، وَلَمْ يَكُنْ لِوُقُوعِ الْبَيْنُونَةِ تَأْثِيرٌ فِي رَفْعِهَا.

وَكَذَلِكَ نَقُولُ فِي احْتِجَاجِهِمْ بِبُطْلَانِ الطَّهَارَةِ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَ صِحَّةِ الطَّهَارَةِ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي رَفْعِ هَذِهِ الْأَحْكَامِ مَعَ بَقَاءِ الْعِدَّةِ، فَلَا يُؤَثِّرُ فِي بُطْلَانِ الطَّلَاقِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>