وَنَهْيُهُ لَهَا عَنْ الْكِتْمَانِ، عَلَى قَبُولِ قَوْلِهَا فِي بَرَاءَةِ رَحِمِهَا مِنْ الْحَبَلِ، وَشُغْلِهَا بِهِ، وَوُجُودِ الْحَيْضِ وَعَدَمِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ: {فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اُؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ} [البقرة: ٢٨٣] {وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا} [البقرة: ٢٨٢] فَوَعَظَهُ وَنَهَاهُ عَنْ الْبَخْسِ وَالنُّقْصَانِ، عُلِمَ أَنَّ الْمَرْجِعَ إلَى قَوْلِهِ فِي مِقْدَارِ الدَّيْنِ.
فَصَارَتْ الْآيَةُ الَّتِي قَدَّمْنَا أَصْلًا فِي قَبُولِ قَوْلِ الْمَرْأَةِ، إذَا قَالَتْ: أَنَا حَائِضٌ، وَتَحْرِيمُ وَطْئِهَا فِي هَذِهِ الْحَالِ، فَإِنَّهَا إذَا قَالَتْ: قَدْ طَهُرْت، حَلَّ لِزَوْجِهَا قُرْبُهَا.
وَكَذَلِكَ إذَا قَالَتْ وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي، صُدِّقَتْ فِي ذَلِكَ، وَانْقَطَعَتْ رَجْعَةُ الزَّوْجِ عَنْهَا، وَجُعِلَ قَوْلُهَا فِي ذَلِكَ كَالْبَيِّنَةِ فِي بَابِ إسْقَاطِ حَقِّ الزَّوْجِ عَنْهَا وَانْقِطَاعِ الزَّوْجِيَّةِ بَيْنَهُمَا.
وَكَانَ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ: أَنَّ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ بِالْحَيْضِ مَعْنًى يَخُصُّهَا، وَلَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا.
فَيُوجِبُ عَلَى ذَلِكَ إذَا قَالَ الزَّوْجُ إذَا حِضْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَقَالَتْ: قَدْ حِضْتُ أَنْ تُصَدَّقَ فِي بَابِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا، كَمَا صُدِّقَتْ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ مَعَ إنْكَارِ الزَّوْجِ، لِأَنَّ ذَلِكَ مَعْنًى يَخُصُّهَا، أَعْنِي: (أَنَّ) الطَّلَاقَ وَالْحَيْضَ لَا يُعْلَمُ وُجُودُهُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا، وَلَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا غَيْرُهَا.
فَفَارَقَ أَمْرَ الْحَيْضِ إذَا عُلِّقَ بِهِ الطَّلَاقُ، الدُّخُولُ، وَالْكَلَامُ، وَسَائِرُ الشُّرُوطِ، لِأَنَّ هَذِهِ مَعَانٍ قَدْ يُمْكِنُ الْوُصُولُ إلَى مَعْرِفَتِهَا مِنْ جِهَةِ غَيْرِهَا، وَلِأَجْلِ ذَلِكَ (قَالُوا) : إنَّهَا لَا تُصَدَّقُ عَلَى وُجُودِ الْحَيْضِ إذَا عَلَّقَ (بِهِ طَلَاقَ غَيْرِهَا، أَوْ عَلَّقَ) بِهِ عِتْقَ الْعَبْدِ، لِأَنَّهُ إنَّمَا جُعِلَ (قَوْلُهَا) كَالْبَيِّنَةِ فِي الْأَحْكَامِ الَّتِي تَخُصُّهَا دُونَ غَيْرِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute