للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُوجِبُ التَّحَالُفَ إذْ كَانَ عَقْدًا عَلَى صِفَةٍ، وَأَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ مَتَى اخْتَلَفَا فِي نَفْسِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَجَبَ التَّحَالُفُ، وَالتَّرَادُّ، إذْ كَانَ الْفَسْخُ مُمْكِنًا فِيهِ.

وَمِمَّا تَرَكُوا فِيهِ الِاسْتِحْسَانَ وَأَخَذُوا بِالْقِيَاسِ: قَوْلُهُمْ - فِيمَنْ قَرَأَ سَجْدَةً مِنْ آخِرِ السُّورَةِ، فَرَكَعَ بِهَا -: إنَّ رَكْعَتَهُ تُجْزِيه مِنْ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ فِي الْقِيَاسِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا تُجْزِيه.

قَالُوا: وَبِالْقِيَاسِ نَأْخُذُ، فَذَكَرُوا الْقِيَاسَ وَالِاسْتِحْسَانَ، (وَتَرَكُوا الِاسْتِحْسَانَ لِلْقِيَاسِ، وَلَهُمْ مَسَائِلُ مِنْ نَظَائِرِ ذَلِكَ، يَتْرُكُونَ مِنْهَا الِاسْتِحْسَانَ) لِلْقِيَاسِ، وَإِنَّمَا الْغَرَضُ فِي مِثْلِهَا تَنْبِيهُ الْمُتَعَلِّمِ عَلَى أَنَّ لِلْحَادِثَةِ شَبَهًا بِأَصْلٍ آخَرَ، قَدْ كَانَ يَجُوزُ إلْحَاقُهَا بِهِ إلَّا أَنَّ إلْحَاقَهَا بِالْقِيَاسِ الَّذِي وَصَفْنَاهُ أَوْلَى.

وَرُبَّمَا ذَكَرُوا الْقِيَاسَ عَلَى الِاسْتِحْسَانِ فَيَتْرُكُونَهُ، وَيَرْجِعُونَ إلَى قِيَاسِ الْأَصْلِ، وَيُسَمُّونَ قِيَاسَ الْأَصْلِ اسْتِحْسَانًا.

وَذَلِكَ نَحْوُ قَوْلِهِمْ - فِيمَنْ احْتَلَمَ فِي الصَّلَاةِ -: إنَّ الْقِيَاسَ أَنْ يَغْتَسِلَ وَيَبْنِيَ، إلَّا أَنَّهُ تَرَكَ الْقِيَاسَ وَاسْتَحْسَنَ أَنْ يَغْتَسِلَ، وَيَسْتَقْبِلَ.

وَالْقِيَاسُ الَّذِي ذَكَرَهُ: هُوَ قِيَاسُ الْحَدَثِ الَّذِي وَرَدَ فِيهِ الْأَمْرُ بِأَنْ قَاسَ عَلَى الْأَثَرِ. وَجَوَازُ الْبِنَاءِ مَعَ الْحَدَثِ اسْتِحْسَانٌ تَرَكُوا فِيهِ الْقِيَاسَ لِلْأَثَرِ، فَلَوْ قَاسَ عَلَى الْأَثَرِ (لَجَازَ) الْبِنَاءُ مَعَ الْجِنَايَةِ إلَّا أَنَّهُ تَرَكَ هَذَا الْقِيَاسَ، لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الْحَدَثَ يَمْنَعُ الْبِنَاءَ.

وَإِنَّمَا تَرَكُوا (فِيهِ الْقِيَاسَ) لِلْأَثَرِ، وَالْأَثَرُ إنَّمَا وَرَدَ فِي الْحَدَثِ دُونَ الْجِنَايَةِ، فَسَلَّمُوا لِلْأَثَرِ مَا وَرَدَ فِيهِ، وَحَمَلُوا الْبَاقِيَ عَلَى قِيَاسِ الْأَصْلِ، فَسُمِّيَ الْقِيَاسُ الْأَصْلِيُّ اسْتِحْسَانًا لَمَّا تُرِكَ بِهِ قِيَاسًا آخَرَ قَدْ كَانَ لَهُ وَجْهٌ لَوْلَا مَا وَصَفْنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>