للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنْ أَعْطَى الثُّلُثَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ أَخْطَأَ. فَأَتَيْته، فَقَالَ: لَمْ يُخْطِئْ، وَلَكِنَّهُ شَيْءٌ رَأَيْنَاهُ وَشَيْءٌ رَآهُ.

وَقِيلَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ (فِي الْمُشْرِكَةِ) : لِمَ (لَمْ) تُشْرِكْ عَامَ أَوَّلَ؟ وَشَرَّكْت الْعَامَ؟ فَقَالَ: ذَاكَ عَلَى مَا فَرَضْنَا وَهَذَا عَلَى مَا فَرَضْنَا. وَقِيلَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: لَوْ جَمَعَتْ النَّاسُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْحُكْمِ. فَقَالَ: مَا يَسُرُّنِي أَنَّهُمْ لَمْ يَخْتَلِفُوا. وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ: لَقَدْ نَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى بِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذَلِكَ أَنَّك إذَا أَخَذْت بِقَوْلِ هَذَا أَصَبْت، وَبِقَوْلِ هَذَا أَصَبْت. فَثَبَتَ بِمَا وَصَفْنَا اتِّفَاقُ السَّلَفِ عَلَى تَصْوِيبِ الْمُخْتَلِفِينَ فِي هَذَا الضَّرْبِ مِنْ أَحْكَامِ الْحَوَادِثِ

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: مَا أَنْكَرْت أَنْ يَكُونَ الْمُصِيبُ وَاحِدًا مِنْهُمْ، وَالْبَاقُونَ مُخْطِئُونَ، وَإِنَّمَا تَرَكَ بَعْضُهُمْ النَّكِيرَ عَلَى بَعْضٍ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مَعْذُورِينَ فِي خَطَئِهِمْ، وَكَانَ خَطَؤُهُمْ مَوْضُوعًا كَالصَّغِيرِ مِنْ الذُّنُوبِ. قِيلَ لَهُ: أَقَلُّ مَا فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ كَلَامٌ مُتَنَاقِضٌ، لِأَنَّ صَاحِبَ الصَّغِيرَةِ غَيْرُ مَعْذُورٍ فِي مُوَاقَعَتِهَا، وَلَا مَأْجُورٍ فِي فِعْلِهَا، بَلْ هُوَ عَاصٍ، تَارِكٌ لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ وَعَدَهُ غُفْرَانَهَا بِاجْتِنَابِهِ الْكَبَائِرَ، وَلَمْ يَقْطَعْ وِلَايَتَهُ بِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>