للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّجَاحُدِ فَلَا مَحَالَةَ أَنَّهُ قَدْ أَفَادَ وُجُوبَ الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ عِنْدَ التَّجَاحُدِ، وَالْأَمْرُ عَلَى الْوُجُوبِ فَغَيْرُ جَائِزٍ الِاقْتِصَارُ عَلَى أَقَلِّ مِنْ الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ وَمَنْ حَكَمَ بِأَقَلَّ مِنْهُ فَقَدْ خَالَفَ الْقُرْآنَ كَمَا أَنَّ مَنْ حَكَمَ بِشَهَادَةِ (شَاهِدٍ) وَاحِدٍ بِغَيْرِ يَمِينٍ كَانَ مُخَالِفًا لِلْقُرْآنِ وَيَمِينُ الطَّالِبِ لَا ذِكْرَ لَهَا فِي الْآيَةِ فَوُجُودُهَا وَعَدَمُهَا وَاحِدٌ فَلَمْ يَنْفَكَّ الْحُكْمُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ مِنْ مُخَالَفَةِ حُكْمِ الْقُرْآنِ.

وَكَمَا أَنَّ مَنْ جَوَّزَ أَنْ يَكُونَ حَدُّ الزَّانِي أَقَلَّ مِنْ مِائَةٍ كَانَ مُخَالِفًا لِلْقُرْآنِ تَارِكًا لِحُكْمِهِ فَكَذَلِكَ مَنْ اقْتَصَرَ فِي الْمُدَايَنَةِ عَلَى أَقَلِّ مِنْ الشُّهُودِ الْمَذْكُورِينَ فِي الْآيَةِ فَقَدْ خَالَفَ حُكْمَهَا وَلَيْسَ هَذَا مِنْ التَّخْصِيصِ فِي شَيْءٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ عُمُومُ لَفْظٍ يَنْتَظِمُ مُسَمَّيَاتٍ فَيَخُصُّهُ بِالْخَبَرِ. فَإِنْ قِيلَ: خَصَّ بِهِ حَالًا دُونَ حَالٍ. قِيلَ لَهُ: الْحَالُ غَيْرُ مَذْكُورَةٍ فِي الْآيَةِ فَيَخُصَّهَا بِالْخَبَرِ فَلَيْسَ فِيهِ إذَنْ أَكْثَرُ مِنْ ذِكْرِ الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ فِيهَا. فَإِنْ قِيلَ: لَوْ جَمَعَ بَيْنَ الْخَبَرِ وَالْآيَةِ لَمْ يَسْتَحِلْ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ كَانَ صَحِيحًا. قِيلَ لَهُ: لَيْسَ كُلُّ مَا يَجُوزُ أَنْ يَجْمَعَهُ إلَى مَا قَبْلَهُ فِي خِطَابٍ وَاحِدٍ يَجُوزُ إلْحَاقُهُ بِهِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ لِأَنَّهُ كَانَ (لَا) يَمْتَنِعُ أَنْ يَقُولَ صَلُّوا إنْ شِئْتُمْ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَإِنْ شِئْتُمْ إلَى الْكَعْبَةِ، ثُمَّ لَمْ يَمْنَعْ جَوَازُ ذَلِكَ مِنْ أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ مَنْسُوخَةً بِالصَّلَاةِ إلَى الْكَعْبَةِ. وَكَانَ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَقُولَ إنْ شِئْتُمْ فَاجْلِدُوا الزَّانِيَ مِائَةً وَإِنْ شِئْتُمْ تِسْعِينَ فَكَانَ يَكُونُ

<<  <  ج: ص:  >  >>