للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَفْيَ الْأَصْلِ وَإِنَّمَا أَرَادَ نَفْيَ الْكَمَالِ يَعْنِي لَا أَيْمَانَ لَهُمْ وَافِيَةً يَفُونَ بِهَا وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ» ، وَ «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يُجِبْ فَلَا صَلَاةَ لَهُ» ، وَ «لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ» وَ «لَا دِينَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ» . وَنَحْوُ قَوْلِ الشَّاعِرِ:

لَوْ كُنْتَ مِنْ أَحَدٍ يُهْجَى هَجَوْتُكُمْ ... يَا بْنَ الرِّقَاعِ وَلَكِنْ لَسْتَ مِنْ أَحَدِ

وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يَوَدَّ نَفْيَهُ عَنْ أَنْ يَكُونَ مُتَّسِمًا بِذَلِكَ وَمَعْدُودًا مِنْ جُمْلَةِ النَّاسِ وَأَنَّهُ أَحَدُهُمْ وَإِنَّمَا أَرَادَ لَسْتَ مِنْ أَحَدٍ يُؤْبَهُ لَهُ وَيُعْتَدُّ بِهِ. فَقَدْ ثَبَتَ بِمَا وَصَفْنَا أَنَّ حَرْفَ النَّفْيِ قَدْ يُنْفَى بِهِ الْأَصْلُ تَارَةً وَالْكَمَالُ أُخْرَى مَعَ ثَبَاتِ الْأَصْلِ وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْأَمْرَانِ جَمِيعًا فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّهُ إذَا أَرَادَ نَفْيَ الْأَصْلِ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ شَيْءٌ وَمَتَى أَرَادَ إيجَابَ النَّقْصِ وَنَفْيَ الْكَمَالِ فَقَدْ دَلَّ لَا مَحَالَةَ عَلَى أَنَّ شَيْئًا مِنْهُ قَدْ ثَبَتَ وَأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ غَيْرُ كَامِلٍ وَهَذَا لَا يَصِحُّ أَنْ يُوصَفَ بِهِ مَا لَمْ يَثْبُتْ مِنْهُ شَيْءٌ. لِأَنَّا مَتَى قُلْنَا إنَّ هَذِهِ صَلَاةٌ نَاقِصَةٌ فَقَدْ أَثْبَتْنَا مِنْهَا شَيْئًا نَاقِصًا لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يُوصَفَ مَا لَمْ يَثْبُتْ مِنْهُ شَيْءٌ بِالنُّقْصَانِ إذْ كَانَ النُّقْصَانُ هُوَ فَوَاتَ الْبَعْضِ مَعَ ثَبَاتِ الْأَصْلِ. فَثَبَتَ

<<  <  ج: ص:  >  >>