للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالُوا لِأَنَّ حَقِيقَتَهُ نَفْيُ مَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ فَيَنْفِي جَمِيعُهُ وَإِنَّمَا يُحْمَلُ عَلَى نَفْيِ الْبَعْضِ بِدَلَالَةٍ.

وَ (قَدْ) قَالَ أَبُو مُوسَى عِيسَى بْنُ أَبَانَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ» إنَّهُ لَمَّا اتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّ تَرْكَ التَّسْمِيَةِ عَلَى الْوُضُوءِ لَا يَمْنَعُ صِحَّتَهُ لَمْ يَخْلُ الْحَدِيثُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَنْسُوخًا أَوْ وَهْمًا أَوْ لَهُ مَعْنًى غَيْرُ الظَّاهِرِ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ لَوْ كَانَتْ مِنْ شَرْطِ الْوُضُوءِ لَنَقَلَتْهُ الْأُمَّةُ كَنَقْلِهَا الظُّهْرَ أَرْبَعًا وَالْمَغْرِبَ ثَلَاثًا وَلَأَمَرُوا مَنْ لَمْ يُسَمِّ بِإِعَادَةِ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَدَلَّ قَوْلُهُ أَنَّ لَهُ مَعْنًى غَيْرَ الظَّاهِرِ (إذْ) الَّذِي (يَقْتَضِيهِ) ظَاهِرُ اللَّفْظِ هُوَ نَفْيُ الْأَصْلِ، وَ (أَنَّهُ) إنَّمَا صَارَ إلَى نَفْيِ الْكَمَالِ بِدَلَالَةٍ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا، لِأَنَّهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ دُخُولَهُ عَلَى الْخَبَرِ عَنْ الْفِعْلِ يَقْتَضِي نَفْيَهُ رَأْسًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا} [الجاثية: ٣٥] وقَوْله تَعَالَى {َلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ} [البقرة: ١٦٢] وَهَذَا ظَاهِرٌ مَعْقُولٌ مِنْ اللَّفْظِ فِي دُخُولِهِ عَلَى الِاسْمِ أَيْضًا كَقَوْلِنَا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ (وَلَا حَوْلَ) وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ وقَوْله تَعَالَى {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلَاةِ} [النساء: ١٠١] ، وَ {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ} [البقرة: ٢٣٦] ، وَ {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ} [النور: ٦١] قَدْ اقْتَضَى نَفْيَ جَمِيعِ مَا دَخَلَ عَلَيْهِ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>