لَمْ تُخَلَّ وَالْعُمُومَ حِينَ وُرُودِهِ وَحُصُولِ الْفَرَاغِ مِنْهُ، فَالْعُمُومُ لَمْ يَثْبُتْ بَعْدُ لِأَنَّك عَلَّقْته بِشَرْطٍ لَمْ يَثْبُتْ وَهُوَ قَوْلُك إنْ خُلِّيت وَإِيَّاهُ وَأَنْتَ (إذَا لَا) تَدْرِي أَخُلِّيت وَإِيَّاهُ أَمْ لَا، وَأَنْتَ وَاقِفٌ فِي الْعُمُومِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَك وَبَيْنَ أَصْحَابِ الْوَقْفِ حِينَ قَالُوا نَعْتَقِدُ الْعُمُومَ إنْ كَانَ هُوَ الْمُرَادَ وَالْخُصُوصَ إنْ كَانَ هُوَ الْمُرَادَ، فَإِنْ قُلْت إنِّي قَدْ خُلِّيت وَالْعُمُومَ نَقَضْت مَا ابْتَدَأْت بِهِ فِي هَذَا الْفَصْلِ وَرَجَعْت عَنْهُ وَلَزِمَك جَمِيعُ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ.
وَيُقَالُ لَهُ: مَا الْفَصْلُ بَيْنَك وَبَيْنَ مَنْ اعْتَقَدَ فِي ذِكْرِ الْأَعْدَادِ مِثْلِ اعْتِقَادِك فِي الْعُمُومِ، فَنَقُولُ فِي قَوْله تَعَالَى {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} [النساء: ٩٢] إنَّهُ كَانَ يَجُوزُ أَنْ يُعْتَقَدَ فِيهِ عِنْدَ وُرُودِهِ أَنَّهُمَا شَهْرَانِ إنْ خُلِّينَا وَإِيَّاهُمَا وَإِنْ (لَمْ) يُعْقِبْهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِبَيَانِ اسْتِثْنَاءٍ يُوجِبُ الِاقْتِصَارَ عَلَى مَا دُونَهُمَا بِأَنْ نَقُولَ شَهْرَيْنِ إلَّا عَشَرَةَ أَيَّامٍ، وَلَا نَعْتَقِدُ فِي قَوْله تَعَالَى {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا} [الأعراف: ١٥٥] وَفِي قَوْله تَعَالَى {وَبَعَثْنَا مِنْهُمْ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا} [المائدة: ١٢] الْعَدَدُ الْمَذْكُورُ فِيهِ حَتَّى يُتَوَفَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَرِدَ بَعْدَهُ الِاسْتِثْنَاءُ (فَيَقُولُ) : سَبْعِينَ إلَّا عَشَرَةً وَاثْنَيْ عَشَرَ إلَّا وَاحِدًا فَإِنْ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ فِي الْأَعْدَادِ وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْهَا فَمَا الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْعُمُومِ، وَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يُصَدَّقَ مَنْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ شَهْرٍ أَرَدْت أَلْفًا إلَّا مِائَةً فَلَمَّا كَانَ الْمَعْقُولُ مِنْ إطْلَاقِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ مَتَى حَصَلَ الْفَرَاغُ مِنْهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute