للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُمْ: إنَّ فِيهَا لُوطًا، هَذَا يَدُلُّ أَنَّهُ كَانَ اعْتَقَدَ مِنْ خِطَابِهِمْ الْعُمُومَ، وَجَائِزٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يُمِيتَ الْأَنْبِيَاءَ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - مَعَ قَوْمِهِمْ (مِنْ غَيْرِ) أَنْ يَكُونَ لَهُمْ عُقُوبَةٌ وَإِنْ كَانَ عُقُوبَةً لِقَوْمِهِمْ. قِيلَ لَهُ: وَمَا فِي قَوْلِ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إنَّ فِيهَا لُوطًا مِنْ الدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْتَقِدْ مِنْ خِطَابِهِمْ اسْتِثْنَاءَ لُوطٍ مِنْ الْجُمْلَةِ وَلَيْسَ يَمْتَنِعُ عِنْدَنَا أَنْ يَكُونَ اعْتَقَدَ اسْتِثْنَاءَ لُوطٍ مِنْهُمْ وَقَالَ إنَّ فِيهَا لُوطًا عَلَى وَجْهِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ كَيْفِيَّةِ خَلَاصِهِ (بِأَنْ يَتْرُكَهُ) اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقَرْيَةِ وَيُهْلِكَ أَهْلَهَا سِوَاهُ وَسِوَى مَنْ آمَنَ بِهِ، أَوْ يُخْرِجَهُ مِنْهَا ثُمَّ يُهْلِكَ الْقَرْيَةَ بِمَا فِيهَا فَأَخْبَرَتْهُ الْمَلَائِكَةُ حِينَئِذٍ بِجِهَةِ خَلَاصِهِ، أَوْ لَمْ تُبَيِّنْهُ لَهُ إذْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ بَيَانُهُ، كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ فَلَمْ يَثْبُتْ لِهَذَا الْقَائِلِ وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْ الْآيَةِ عَلَى جَوَازِ تَأْخِيرِ الْبَيَانِ.

وَذَكَرَ أَيْضًا: قِصَّةَ نُوحٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَعَدَهُ أَنْ يُنَجِّيَهُ وَأَهْلَهُ، ثُمَّ بَيَّنَ فِي الثَّانِي اسْتِثْنَاءَ ابْنِهِ مِنْ الْمُنَجِّيِينَ فَقَالَ لَهُ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ كَانَ أَخْبَرَهُ {أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ} [هود: ٣٦] وَكَانَ ابْنُهُ كَافِرًا فَعَلِمَ نُوحٌ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّ الِابْنَ مُسْتَثْنًى مِنْ الْمُنَجِّيِينَ إنْ بَقِيَ عَلَى كُفْرِهِ. وَلَيْسَ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ قَدْ كَانَ يَجُوزُ أَنْ يُؤْمِنَ ابْنُهُ قَبْلَ الْغَرَقِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا قَالَ لَهُ {أنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِك إلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ} [هود: ٣٦] وَظَاهِرٌ هَذَا أَلَّا يَتَنَاوَلَ أَهْلَهُ فَقَالَ {رَبِّ إنَّ ابْنِي مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>