قِيلَ لَهُ: مَا أَنْكَرْت أَنَّ لَفْظَ الْأَمْرِ مَوْضُوعٌ لِإِيقَاعِ الْفِعْلِ وَكَرَاهَةِ التَّرْكِ كَمَا أَنَّ لَفْظَ النَّهْيِ مَوْضُوعٌ لِكَرَاهَةِ الْفِعْلِ وَإِرَادَةِ التَّرْكِ، وَلَوْ جَازَ أَنْ يُقَالَ فِي الْأَمْرِ إنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى كَرَاهَةِ التَّرْكِ لِجَوَازِ اجْتِمَاعِهِمَا فِي الْحُسْنِ لَجَازَ مِثْلُهُ فِي النَّهْيِ حَتَّى يُقَالَ إنَّ النَّهْيَ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى كَرَاهَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَإِنَّمَا فِيهِ الدَّلَالَةُ عَلَى إرَادَةِ ضِدِّهِ كَمَا قُلْت فِي الْأَمْرِ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ اجْتِمَاعُ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَضِدِّهِ فِي الْحُسْنِ. فَإِنْ قَالَ: مَا مِنْ نَهْيٍ إلَّا وَمَعَهُ كَرَاهَةُ الْفِعْلِ. قِيلَ لَهُ: وَمَا مِنْ أَمْرٍ إلَّا وَمَعَهُ كَرَاهَةُ التَّرْكِ. فَإِنْ قَالَ: قَدْ يَرِدُ الْأَمْرُ وَلَا يُرَادُ كَرَاهَةُ ضِدِّهِ. قِيلَ لَهُ: لَا نُسَلِّمُ لَك أَنَّ هَذَا أَمْرٌ، وَمَعَ هَذَا (فَقَدْ يَرِدُ) النَّهْيُ وَلَا يُرَادُ بِهِ كَرَاهَةُ الْفِعْلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَا تَنْسَوْا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [البقرة: ٢٣٧] وَفِعْلُ الْفَضْلِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَقَالَ تَعَالَى {وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ} [البقرة: ٢٨٢] وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَى مَنْ عَرَفَ الشُّرُوطَ أَنْ يَكْتُبَ لِلنَّاسِ.
أَلَا تَرَى إلَى قَوْله تَعَالَى {وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ} [البقرة: ٢٨٢] يَعْنِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِأَنْ يَشْغَلَ عَنْ حَوَائِجِهِ وَيَضُرَّ بِهِ (وَقَدْ قَالَ) {وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إلَى أَجَلِهِ} [البقرة: ٢٨٢] وَهُوَ نَدْبٌ فِي (هَذِهِ الْمَوَاضِعِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute