للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى غَيْره عَلَى وَجْهِ الْإِبَاحَةِ.

أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ: قَدْ نَهَيْتُك عَنْ السُّكُونِ وَأَبَحْت لَك الْحَرَكَةَ فِي الْجِهَاتِ السِّتِّ، فَيُطْلَقُ لَفْظُ الْإِبَاحَةِ عَلَى الْحَرَكَةِ فِي هَذِهِ الْجِهَاتِ، وَلَوْ كَانَتْ الْحَرَكَةُ فِي هَذِهِ الْجِهَاتِ أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا وَاجِبَةً لَمَا صَحَّ إطْلَاقُ لَفْظِ الْإِبَاحَةِ (عَلَيْهَا) ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذَا كَانَ لَهُ ضِدٌّ وَاحِدٌ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ لَهُ: قَدْ نَهَيْتُك عَنْ الْحَرَكَةِ فِي الْجِهَاتِ السِّتِّ وَأَبَحْت لَك السُّكُونَ (لِأَنَّ السُّكُونَ) إذَا كَانَ ضِدًّا لِهَذِهِ الْحَرَكَاتِ (وَهُوَ) لَا يَنْفَكُّ مِنْهَا أَوْ مِنْهُ فَالسُّكُونُ وَاجِبٌ لَا مَحَالَةَ، فَلَا يَصِحُّ إطْلَاقُ لَفْظِ الْإِبَاحَةِ عَلَى مَا هُوَ وَاجِبٌ، وَلِهَذِهِ الْعِلَّةِ قُلْنَا: إنَّ الْأَمْرَ (بِالشَّيْءِ) نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ مِنْ جِهَةِ الدَّلَالَةِ وَإِنْ كَانَ ذَا أَضْدَادٍ كَثِيرَةٍ، لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ قَدْ أَوْجَبْت عَلَيْك فِعْلَ الْمَأْمُورِ بِهِ عَلَى الْفَوْرِ وَأَبَحْت لَك سَائِرَ أَضْدَادِهِ أَوْ وَاحِدًا مِنْ أَضْدَادِهِ، فَلَمَّا انْتَفَى عَنْ سَائِرِ أَضْدَادِهِ اسْمُ الْإِبَاحَةِ وَالْإِيجَابِ صَحَّ أَنَّهُ (مَدْلُولٌ بِالْأَمْرِ كَرَاهَةً) وَلَزِمَ اجْتِنَابُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>