الزِّيَادَةِ الْمَأْخُوذَةِ عَنْ عَقْدِ الرِّبَا إلَى بَائِعِهَا، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا مَعَ فَسَادِ الْعَقْدِ، وَكَانَ ذَلِكَ مُتَعَلِّقًا بِظَاهِرِ النَّهْيِ. وَالرَّابِعُ: قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ} [البقرة: ٢٧٩] لَمَّا نَهَى عَنْهُ حَكَمَ بِرَدِّ رَأْسِ الْمَالِ، فَلَوْلَا أَنَّ ظَاهِرَ النَّهْيِ قَدْ اقْتَضَى الْفَسَادَ لَكَانَ مَمْلُوكًا بِعَقْدٍ صَحِيحٍ لَا يَجِبُ رَدُّهُ. وَكَذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «كُلُّ رِبًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ مَوْضُوعٌ وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُهُ رِبَا الْعَبَّاسِ» فَلَمَّا تَعَلَّقَ الْفَسَادُ فِيمَا ذَكَرْنَا بِمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ بِالنَّهْيِ ثَبَتَ أَنَّ ظَاهِرَ النَّهْيِ يَقْتَضِي فَسَادَ مَا تَنَاوَلَهُ حَتَّى تَقُومَ دَلَالَةُ الْجَوَازِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا: أَنَّ هَذِهِ الْعُقُودَ وَالْقُرَبَ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ (سَبِيلُهَا أَنْ تَكُونَ) (مَفْعُولَةً عَلَى وَجْهِ الْفَرْضِ أَوْ النَّدْبِ أَوْ الْإِبَاحَةِ) (وَ) كَوْنُهُ مَنْهِيًّا عَنْهُ يُخْرِجُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا فَرْضًا أَوْ مُبَاحًا، إذْ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ هُوَ الْفَرْضَ أَوْ النَّدْبَ أَوْ الْمُبَاحَ. فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ (كَذَلِكَ) وَجَبَ أَلَّا يَكُونَ فَاعِلًا لِلْمَأْمُورِ بِهِ، وَلَا لِمَا قُصِدَ إلَى فِعْلِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute