للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالنَّفْيَ جَمِيعًا فَيَنْقُلُوا الْجَلْدَ دُونَ النَّفْيِ. كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْقُلُوا بَعْضَ الْحَدِّ دُونَ بَعْضٍ وَقَدْ سَمِعُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَذْكُرُ الْجَمِيعَ. فَلَمَّا عَدِمْنَا نَقْلَ الْكَافَّةِ لِلزِّيَادَةِ حَسَبِ نَقْلِهَا لِلنَّصِّ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَقِيبَ التِّلَاوَةِ ذِكْرُ الزِّيَادَةِ، إذْ كَانَ (السَّامِعُونَ لِلْآيَةِ مُعْتَقِدِينَ نَقْلَ) الزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ مَعَ الْأَصْلِ وَغَيْرُ جَائِزٍ عَلَيْهِمْ التَّبْعِيضُ وَتَرْكُ النَّقْلِ فِيمَا كَانَ هَذَا وَصْفَهُ، فَامْتَنَعَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ إلْحَاقُ الزِّيَادَةِ بِالنَّصِّ مِنْ جِهَةٍ تُوجِبُ الْعِلْمَ بِنَقْلِ الْكَافَّةِ إيَّاهَا، فَلَا تَخْلُو حِينَئِذٍ الزِّيَادَةُ الْوَارِدَةُ مِنْ جِهَةِ الْآحَادِ إنْ كَانَتْ ثَابِتَةً مِنْ أَنْ تَكُونَ قَبْلَ النَّصِّ أَوْ بَعْدَهُ.

فَإِنْ كَانَتْ قَبْلَهُ فَقَدْ نَسَخَهَا النَّصُّ الْمُطْلَقُ عَارِيًّا مِنْ ذِكْرِ الزِّيَادَةِ، وَإِنْ كَانَتْ بَعْدَهُ فَهَذَا يُوجِبُ نَسْخَ الْآيَةِ، وَغَيْرُ جَائِزٍ نَسْخُ الْآيَةِ بِخَبَرٍ لَا يُوجِبُ الْعِلْمَ، وَمِنْ نَحْوِ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: ٣] وَالْقِيَاسُ الَّذِي (شَرْطٌ فِي الرَّقَبَةِ الْإِيمَانِ) يُوجِبُ نَسْخَ مَا فِي الْآيَةِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي بَيَّنَّا.

وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَعْتَقَ رَقَبَةً، وَكَذَلِكَ قَالَ لِلَّذِي سَأَلَهُ عَنْ الْإِفْطَارِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ: أَعْتِقْ رَقَبَةً، وَلَمْ يَشْرِطْ فِيهَا الْإِيمَانَ مَعَ عِلْمِهِ بِجَهْلِ السَّائِلِ بِالْحُكْمِ فَلَا يَجُوزُ زِيَادَةُ شَرْطِ الْإِيمَانِ فِيهَا إلَّا عَلَى وَجْهِ النَّسْخِ، وَهَذَا يَمْنَعُ اسْتِعْمَالَ الْقِيَاسِ وَإِلْحَاقَ شَرْطِ الْإِيمَانِ بِهَا مِنْ وَجْهَيْنِ.

أَحَدُهُمَا: أَنَّ نَسْخَ الْآيَةِ لَا يَجُوزُ بِالْقِيَاسِ. وَالثَّانِي: أَنَّ الْقِيَاسَ لَوْ أَوْجَبَ شَرْطَ الْإِيمَانِ فِيهَا لَأَخْبَرَهُ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِذَلِكَ لِئَلَّا يَعْتَقِدَ السَّائِلُ غَيْرَهُ، وَلِئَلَّا يَقْدَمَ فِي الْحَالِ عَلَى تَنْفِيذِهَا فِي رَقَبَةٍ كَافِرَةٍ، إذْ قَدْ أَمَرَهُ بِعِتْقِهَا فِي الْحَالِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمَّا قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «اُغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» عَقَلْنَا مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهَا غَيْرُ الرَّجْمِ إذْ كَانَ مَأْمُورًا فِي الْحَالِ بِتَنْفِيذِ هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>