وَمِنْهَا: مَا لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُخْبِرِ، حَتَّى يَكُونَ عَلَى أَحَدِ وَصْفَيْ الشَّهَادَةِ فِي خَبَرِهِ.
فَأَمَّا الْأَوَّلُ: فَنَحْوُ خَبَرِ الْوَكِيلِ، وَسَائِرِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ خَبَرِ الرَّسُولِ فِي الْهَدِيَّةِ، وَخَبَرِ الْأَذَانِ وَنَحْوِهِ.
وَأَمَّا الثَّانِي: فَنَحْوُ خَبَرِ الْعَزْلِ عَنْ الْوَكَالَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُخْبِرُ رَسُولًا، فَلَا يَثْبُتُ الْقَوْلُ عِنْدَهُ حَتَّى يَكُونَ الْمُخْبِرُ رَجُلَيْنِ، أَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ، وَإِنْ كَانُوا غَيْرَ عُدُولٍ. أَوْ أَنْ يَكُونَ رَجُلًا عَدْلًا، فَشُرِطَ فِيهِ: أَحَدُ وَصْفَيْ الشَّهَادَةِ، وَهُوَ الْعَدَدُ، أَوْ الْعَدَالَةُ.
وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الْمَوْلَى إذَا أُخْبِرَ بِجِنَايَةِ عَبْدِهِ فَأَعْتَقَهُ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُخْتَارًا، وَلَا تَلْزَمُهُ الدِّيَةُ، حَتَّى يَكُونَ الْمُخْبَرُ بِهِ رَجُلَيْنِ، أَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ لَمْ يَكُونُوا عُدُولًا، أَوْ رَجُلًا عَدْلًا.
وَالْأَصْلُ فِي الشَّهَادَاتِ: مَا وَرَدَ بِهِ نَصُّ الْكِتَابِ عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ فِيهَا مِنْ الْأَعْدَادِ، وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَوْصَافِهَا، بَعْضُهَا مَأْخُوذٌ مِنْ السُّنَّةِ، وَبَعْضُهَا إجْمَاعٌ، وَبَعْضُهَا مِنْ جِهَةِ دَلَائِلِ الْأُصُولِ، وَلَا حَاجَةَ بِنَا إلَى الْكَلَامِ فِيهَا، إذْ لَيْسَ لَهَا تَعَلُّقٌ بِأُصُولِ الْفِقْهِ.
وَأَمَّا أَخْبَارُ الْمُعَامَلَاتِ: فَالْأَصْلُ فِي قَبُولِهَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} [النور: ٢٧] إلَى قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ قِيلَ لَكُمْ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا} [النور: ٢٨] . فَحَظَرَ الدُّخُولَ بَدْءًا، إلَّا بَعْدَ الْإِذْنِ، ثُمَّ أَبَاحَهُ بِإِذْنِ مَنْ كَانَ مِنْ النَّاسِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى سُقُوطِ اعْتِبَارِ الْعَدَدِ وَوَصْفِ الْمُخْبَرِ فِيهِ.
وَمِنْ جِهَةِ السُّنَّةِ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِعَائِشَةَ لَمَّا سَأَلَتْهُ عَنْ بَرِيرَةَ: إنَّهَا يُتَصَدَّقُ عَلَيْهَا فَتُهْدِيهِ فَقَالَ: هِيَ لَهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ» فَقَبِلَ قَوْلَهَا: فِي إنَّهَا يُتَصَدَّقُ عَلَيْهَا، وَقَدْ كَانَ مَا يُتَصَدَّقُ عَلَيْهَا قَبْلَ ذَلِكَ مِلْكًا لِغَيْرِهَا، فَصَدَّقَهَا عَلَى انْتِقَالِهِ إلَيْهَا بِالصَّدَقَةِ.
وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ: «رَسُولُ الرَّجُلِ إلَى الرَّجُلِ إذْنُهُ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute