فَصْلٌ
قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: جَمِيعُ مَا قَدَّمْنَا مِنْ الدَّلَائِلِ الْمُوجِبَةِ لِقَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ الَّذِي لَا دَلَالَةَ مَعَهُ مُوجِبُ الْعِلْمِ بِصِحَّةِ مُخْبِرِهِ فِي أُمُورِ الدِّينِ، مِنْ جِهَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَاتِّفَاقِ الْأُمَّةِ، فَهُوَ دَالٌّ: عَلَى أَنَّهُ بَيْنَ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ.
وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إلَى قَبُولِ خَبَرِ الِاثْنَيْنِ، وَرَدِّ خَبَرِ الْوَاحِدِ.
وَاحْتَجَّ فِيهَا بِأَشْيَاءَ أَنَا ذَاكِرُهَا، وَمُبَيِّنٌ وَجْهَ الْقَوْلِ فِيهَا، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَاعْتُرِضَ أَيْضًا عَلَى بَعْضِ مَا قَدَّمْنَا مِنْ الدَّلَائِلِ الْمُوجِبَةِ لِقَبُولِ أَخْبَارِ الْآحَادِ، وَأَنَا أَذْكُرُ مَوْضِعَ اعْتِرَاضَاتِهِ، وَأُبَيِّنُ عَنْ صِحَّةِ مَا قَدَّمْنَا فِي ذَلِكَ.
فَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ عَلَى اسْتِدْلَالِ مَنْ اسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} [التوبة: ١٢٢] .
أَنَّ الطَّائِفَةَ اسْمٌ لِجَمَاعَةٍ، وَأَنَّ الْوَاحِدَ لَا يُسَمَّى طَائِفَةً، وَأَنَّ الْفِرْقَةَ الَّتِي أَمَرَ الطَّائِفَةَ بِالنُّفُورِ مِنْهَا يَجِبُ أَنْ تَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ، كَمَا لَوْ قَالَ: فَلَوْ نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ، عُلِمَ أَنَّ الْفِرْقَةَ الْمُرَادَةَ بِهَذَا الْقَوْلِ: أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةٍ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَمَّا قَوْلُهُ: إنَّ الطَّائِفَةَ اسْمٌ لِلْجَمَاعَةِ، فَلَا سَبِيلَ إلَى تَثْبِيتِهِ مِنْ أَدِلَّةٍ، وَلَا شَرْعٍ، بَلْ الدَّلَائِلُ مِنْ الْقُرْآنِ، وَقَوْلِ السَّلَفِ ظَاهِرَةٌ: أَنَّ الْوَاحِدَ قَدْ يَتَنَاوَلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute