للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا رَوَوْا فِي أُمِّ سُلَيْمٍ وَفِي قِصَّةِ ابْنِ أَخِي ابْنِ أُبَيِّ الْقُعَيْسِ فِي رَضَاعِ الرَّجُلِ فَلَمْ يَرَهُمَا شَيْئًا.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: ذَكَرَ عِيسَى هَذِهِ الْأَخْبَارَ وَأَخْبَارًا أُخَرَ غَيْرَهَا مَعَهَا، وَاسْتَدَلَّ بِهَا: عَلَى أَنَّ مِنْ مَذْهَبِ السَّلَفِ: رَدُّ أَخْبَارِ الْآحَادِ بِالْعِلَلِ.

وَهَذَا اسْتِدْلَالٌ صَحِيحٌ عَلَى مَا ذُكِرَ، لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ بِهِ إجْمَاعُهُمْ عَلَى اعْتِبَارِ ذَلِكَ، كَمَا أُثْبِتَ بِإِجْمَاعِهِمْ لِمَا قَبِلُوهُ مِنْ الْأَخْبَارِ، فِي لُزُومِ الْعَمَلِ بِهَا وَالْمَصِيرِ إلَيْهَا. فَمِنْ حَيْثُ كَانَ إجْمَاعُهُمْ عَلَى قَبُولِ أَخْبَارِ الْآحَادِ بِمِثْلِ الرِّوَايَاتِ الَّتِي يَثْبُتُ بِمِثْلِهَا رَدُّهُمْ لَهَا لِلْعِلَلِ الَّتِي ذَكَرْنَا، حُجَّةً فِي لُزُومِ قَبُولِهَا إذَا عَرِيَتْ مِنْ الْعِلَلِ الْمُوجِبَةِ لِرَدِّهَا، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ إجْمَاعُهُمْ فِيمَا رَدُّوا مِنْهَا - حُجَّةً فِي رَدِّهَا، لِلْعِلَلِ الَّتِي وَصَفْنَا.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَمِمَّا يُرَدُّ بِهِ أَخْبَارُ الْآحَادِ مِنْ الْعِلَلِ أَنْ يُنَافِيَ مُوجِبَاتِ أَحْكَامِ الْعُقُولِ، لِأَنَّ الْعُقُولَ حُجَّةٌ لِلَّهِ تَعَالَى. وَغَيْرُ جَائِزٍ انْقِلَابُ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ وَأَوْجَبَتْهُ. وَكُلُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>