للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ السَّلَفِ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةٍ، فَيَكُونُ مَقْبُولًا، إلَّا أَنْ يَجِيءَ مُعَارِضًا لِلْأُصُولِ الَّتِي هِيَ: الْكِتَابُ، وَالسُّنَّةُ الثَّابِتَةُ، وَالِاتِّفَاقُ. وَلَا يُرَدُّ بِقِيَاسِ الْأُصُولِ.

وَالثَّانِي: مَا يَرْوِيهِ مَنْ لَا يُعْرَفُ ضَبْطُهُ وَإِتْقَانُهُ، وَلَيْسَ بِمَشْهُورٍ بِحَمْلِ الْعِلْمِ، إلَّا أَنَّ الثِّقَاتِ قَدْ حَمَلُوا عَنْهُ، فَيَكُونُ حَمْلُهُمْ عَنْهُ تَعْدِيلًا مِنْهُمْ لَهُ، فَخَبَرُهُ مَقْبُولٌ، مَا لَمْ يَرُدَّهُ قِيَاسُ الْأُصُولِ، وَيُسَوَّغُ بِهِ رَدُّهُ، وَقَبُولُهُ بِالِاجْتِهَادِ. نَحْوُ مَا ذَكَرَ عِيسَى مِنْ حَدِيثِ: وَابِصَةَ، وَابْنِ سِنَانٍ، وَسَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبِّقِ، وَنُظَرَائِهِمْ، وَذَلِكَ لِأَنَّ حَمْلَهُمْ الْعِلْمَ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ تَعْدِيلًا مِنْهُمْ إيَّاهُ، إذْ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُظَنَّ بِهِمْ: أَنَّهُمْ نَقَلُوا عَنْ غَيْرِ عَدْلٍ، فَلَيْسَ فِي تَعْدِيلِهِمْ إيَّاهُ مَا يُوجِبُ وُقُوعَ الْحُكْمِ مِنْهُمْ بِضَبْطِهِ وَإِتْقَانِهِ.

وَهَذَانِ الْأَمْرَانِ مِمَّا يُحْتَاجُ إلَيْهِمَا فِي صِحَّةِ النَّقْلِ: أَعْنِي الْعَدَالَةَ، وَالضَّبْطَ لِمَا نُقِلَ، فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَنَا ضَبْطُ الرَّاوِي لِمَا رَوَاهُ، وَلَمْ يَثْبُتْ عَدَالَتُهُ - جَازَ لَنَا النَّظَرُ وَالِاجْتِهَادُ فِي (قَبُولِ رِوَايَتِهِ) وَرَدِّهَا.

وَالثَّالِثُ مَا: يَرْوِيهِ رَجُلٌ مَعْرُوفٌ وَقَدْ شَكَّ السَّلَفُ فِي رِوَايَتِهِ، وَاتَّهَمُوا غَلَطَهُ، فَرِوَايَتُهُ مَقْبُولَةٌ، مَا لَمْ تُعَارِضْهُ الْأُصُولُ الَّتِي قَدَّمْنَا، وَلَمْ يُعَارِضْهُ الْقِيَاسُ أَيْضًا، فَإِنَّهُ إذَا عَارَضَهُ الْقِيَاسُ سَاغَ الِاجْتِهَادُ فِي رَدِّهِ بِقِيَاسِ الْأُصُولِ، فَعَلَى هَذِهِ الْمَعَانِي يَدُورُ هَذَا الْبَابُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>