النَّاسَ بِهِ، وَكَانَ أَقَلُّ مَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَسْكُتُوا عَنْهُ. فَلَا يَرْوُوهُ.
وَعَلَى أَنَّ مَنْ رَوَى عَمَّنْ لَا يَجُوزُ الرِّوَايَةُ عَنْهُ ثُمَّ كَتَمَهُ، وَلَمْ يُبَيِّنْ أَمْرَهُ، صَارَ مِنْ الْمَجْرُوحِ، وَالْمَطْعُونِ عَلَيْهِ فِي رِوَايَتِهِ. وَهَذَا يُوجِبُ الطَّعْنَ عَلَى عَامَّةِ التَّابِعِينَ، لِأَنَّهُمْ قَدْ أَرْسَلُوا الْأَخْبَارَ. وَأَيْضًا: فَإِنَّ مَنْ عَلِمْنَا مِنْ حَالِهِ: أَنَّهُ يُرْسِلُ الْحَدِيثَ عَمَّنْ لَا يُوثَقُ بِرِوَايَتِهِ، وَلَا يَجُوزُ حَمْلُ الْعِلْمِ عَنْهُ، فَهُوَ غَيْرُ مَقْبُولِ الْمَرَاسِيلِ عِنْدَنَا، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ مِنَّا فِيمَنْ لَا يُرْسِلُ إلَّا عَنْ الثِّقَاتِ الْأَثْبَاتِ عِنْدَهُ.
فَإِنْ قَالَ: قَدْ كَانَ بَعْضُ التَّابِعِينَ يُرْسِلُ الْحَدِيثَ فَإِذَا سُئِلَ عَنْهُ أَخْبَرَ بِهِ، وَكَانَ كَاذِبًا. قِيلَ لَهُ: مَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ التَّابِعِينَ فَعَلَ ذَلِكَ. وَعَلَى أَنَّ هَذَا طَعْنٌ فِي الرِّوَايَتَيْنِ لِأَنَّ مَنْ رَوَى عَنْ كَذَّابٍ وَكَتَمَ أَمْرَهُ فَهُوَ غَيْرُ مَقْبُولِ الرِّوَايَةِ، لَا سِيَّمَا إذَا حَذَفَ اسْمَهُ مِنْ الْإِسْنَادِ.
وَذَكَرَ بَعْضُ مَنْ احْتَجَّ فِي إبْطَالِ الْمَرَاسِيلِ: بِأَنَّ التَّابِعِينَ قَدْ كَانُوا يَتَسَاهَلُونَ فِي الْإِرْسَالِ عَمَّنْ لَوْ كَشَفَ عَنْهُ وَبَيَّنَ أَمْرَهُ، كَانَتْ حَالُهُ بِخِلَافِهَا إذَا أَرْسَلَ عَنْهُ، وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ قَالَ لَهُ: إنَّ حَدِيثَ الْوُضُوءِ مِنْ الْقَهْقَهَةِ فِي الصَّلَاةِ يَدُورُ عَلَى أَبِي الْعَالِيَةِ. فَقُلْت لَهُ: قَدْ رَوَاهُ الْحَسَنُ عَنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ قَالَ: أَنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute