تَوَضَّأْت، فَقَالَ عُمَرُ: وَلِلْوُضُوءِ أَيْضًا وَقَدْ عَلِمْت: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْمُرُنَا بِالْغُسْلِ» .
فَأَخْبَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَمَرَ بِالْغُسْلِ، ثُمَّ قَالَ هُوَ: إنَّ الْوُضُوء يُجْزِئُ عَنْهُ، وَالْأَمْرُ بِالْغُسْلِ لَا يَحْتَمِلُ جَوَازَ الْوُضُوءِ. فَعَلِمْنَا: أَنَّهُ لَمْ يَقْبَلْ بِإِجْزَاءِ الْوُضُوءِ عَنْ الْغُسْلِ، إلَّا وَقَدْ عُلِمَ مِنْ فَحْوَى خِطَابِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَمِنْ دَلَالَةِ الْحَالِ، وَمَخْرَجِ الْكَلَامِ: أَنَّ الْأَمْرَ بِالْغُسْلِ كَانَ عَلَى وَجْهِ النَّدْبِ. وَنَحْوُهُ مَا رَوَى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، عَنْ «النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: رَفْعُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الرُّكُوعِ» .
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ: " لَمْ يَرْفَعْهُمَا " وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ «النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: رَفْعُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الرُّكُوعِ» . ثُمَّ رَوَى مُجَاهِدٌ أَنَّهُ: " صَلَّى خَلْفَ ابْنِ عُمَرَ فَلَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ، إلَّا عِنْدَ الِافْتِتَاحِ " فَدَلَّ تَرْكُهُمَا الرَّفْعَ بَعْدَ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَى: أَنَّهُمَا قَدْ عَرَفَا نَسْخَ الْأَوَّلِ، لَوْلَاهُ لَمَا تَرَكَاهُ، إذْ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُظَنَّ بِهِمَا مُخَالَفَةُ سُنَّةٍ رَوَيَاهَا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِمَّا لَا احْتِمَالَ فِيهِ لِلتَّأْوِيلِ.
قَالَ عِيسَى: وَإِنْ كَانَ مِثْلُ ذَلِكَ الْخَبَرِ مَا يَجُوزُ أَنْ يَخْفَى عَلَى مَنْ خَالَفَهُ إلَى غَيْرِهِ، فَالْعَمَلُ عَلَى الْخَبَرِ، دُونَ مَا رَوَى الصَّحَابِيُّ.
فَأَمَّا الْأَوَّلُ: فَنَحْوُ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، أَنَّهُ قَالَ: «الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ، جَلْدُ مِائَةٍ، وَتَغْرِيبُ عَامٍ» وَجَاءَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ " نَفَى رَجُلًا، فَلَحِقَ بِالرُّومِ. فَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute