للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِيلَ لَهُ: أَفَتَعْتَبِرُ إجْمَاعَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فِي هَذَا الْعَصْرِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ الصَّحَابَةِ. فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ. قِيلَ لَهُ: فَاعْتَبِرْ إجْمَاعَ أَهْلِ الْكُوفَةِ مِنْ التَّابِعِينَ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ الصَّحَابَةِ، فَإِنَّهُمْ أَخَذُوا الْعِلْمَ عَمَّنْ انْتَقَلَ إلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ الصَّحَابَةِ.

وَأَيْضًا: فَلَيْسَ يَخْلُو إجْمَاعُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ: مِنْ أَنْ تَكُونَ صِحَّتُهُ مُتَعَلِّقَةً بِالْمَوْضِعِ، أَوْ بِالرِّجَالِ ذَوِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ، فَإِنْ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِالْمَوْضِعِ، فَالْمَوْضِعُ مَوْجُودٌ، فَيَجِبُ اعْتِبَارُ إجْمَاعِ أَهْلِ الْمَوْضِعِ فِي سَائِرِ الْأَزْمَانِ.

وَهَذَا خُلْفٌ مِنْ الْقَوْلِ. (وَإِنْ اُعْتُبِرَ) بِالرِّجَالِ دُونَ الْمَوْضِعِ، فَإِنَّ الَّذِينَ نَزَلُوا الْكُوفَةَ هُمْ عُمْدَةُ أَهْلِ (عِلْمِ) الدِّينِ وَأَعْلَامُهُ.

مِنْهُمْ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةُ، وَعَمَّارٌ، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، وَآخَرُونَ، مِنْ ذَوِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ.

وَقِيلَ: إنَّهُ نَزَلَهَا مِنْ الصَّحَابَةِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَنَيِّفٌ، فِيهِمْ سَبْعُونَ بَدْرِيًّا، فَلِمَ خَصَصْت بِصِحَّةِ الْإِجْمَاعِ مَنْ أَخَذَ عَمَّنْ بَقِيَ بِالْمَدِينَةِ؟ دُونَ مَنْ أَخَذَ عَمَّنْ نَزَلَ الْكُوفَةَ وَسَائِرَ الْأَمْصَارِ؟ وَلِخَصْمِك أَنْ يُعَارِضَك فَيَقُولَ: إنَّمَا اُعْتُبِرَ إجْمَاعُ أَهْلِ الْكُوفَةِ، دُونَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، لِأَنَّهُمْ أَخَذُوا عَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذَكَرْنَاهُمْ، وَهُمْ أَعْلَامُ الصَّحَابَةِ وَعُلَمَاؤُهُمْ.

فَإِنْ قِيلَ: إنَّمَا خَصَصْنَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ بِصِحَّةِ الْإِجْمَاعِ، لِأَنَّهَا دَارُ السُّنَّةِ وَدَارُ الْهِجْرَةِ، وَلِأَنَّ سَائِرَ النَّاسِ عَنْهُمْ أَخَذُوا، كَمَا كَانَ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ حُجَّةً عَلَى التَّابِعِينَ، لِأَنَّهُمْ عَنْهُمْ أَخَذُوا.

قِيلَ لَهُ: فَتَعْتَبِرُ إجْمَاعَ (أَهْلِ) الْمَدِينَةِ مِنْ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ ثَبَتُوا بِالْمَدِينَةِ، وَلَمْ يَخْرُجُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>