الغيب عنده لا يعلمها غيره.
وهذا هو قول جماهير أهل العلم كالخطابي والقرطبي والقاضي أبي بكر بن الطيب وابن العربي والرازي وابن حجر كما ذكره محمد تقي العثماني في تكملة فتح الملهم على شرح مسلم (٥/٥٣٦) بل حكى النووي الاتفاق على أن أسماء الله ليست محصورة في شرح صحيح مسلم (١٨/٥) .
وقال شيخ الإسلام في الفتاوى (٢٢/٤٨٢) : وقد مضى سلف الأمة وأئمتها على هذا القول.
وأدلة هذا الفريق:
(أ) الحديث الذي استدل به المؤلف وهو أن الله استأثر في علم الغيب عنده أسماء والحديث جعل أسماء الله ثلاثة أقسام كما ذكره ابن القيم في بدائع الفوائد (١/٦٦) :
أ- ... قسم سمى به نفسه فأظهره لمن شاء من ملائكته أو غيرهم ولم ينزل به كتابه.
ب- ... وقسم أنزل به كتابه فتعرف به إلى عباده.
جـ- ... وقسم استأثر به في علم غيبه فلم يطلع عليه أحد من خلقه ولهذا قال " استأثرت به " أي انفردت بعلمه، وليس المراد انفراده بالتسمي به لأن هذا الانفراد ثابت في الأسماء التي أنزل بها كتابه.
(٢) ... ومما يستدل به ما ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول في سجوده " اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وبك منك لا أحصى ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك "
والشاهد من الحديث هو قوله: " لا أحصى ثناءً عليك "
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في درء التعارض (٣/٣٣٢) (فأخبر أنه صلى الله عليه وسلم لا يحصى ثناء عليه، ولو أحصى أسمائه لأحصى صفاته كلها، فكان يحصى الثناء عليه، لأن صفاته إنما يعبر عنها بأسمائه)
(٣) ... ويستدل كذلك بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة (ثم يفتح على من محامده وحسن الثناء عليه شيئاً لم يفتحه على أحد من قبلي) رواه البخاري.
قال ابن القيم في بدائع الفوائد (١/١٦٦) : وتلك المحامد هي تفي بأسمائه وصفاته ا. هـ
وانظر المفهم للقرطبي (٧/١٦)
(٤) ... أن الأسماء الواردة في الكتاب والسنة أكثر من تسعة وتسعين، ولهذا قال شيخ الإسلام في الفتاوى (٢٢/٤٨٢)
وهذا القائل الذي حصر أسماء الله في تسعة وتسعين لم يمكنه استخراجها من القرآن، وإذا لم يقم على تعيينها دليل يجب القول به لم يمكن أن يقال هي التي يجوز الدعاء بها دون غيرها، لأنه لا سبيل إلى تمييز المأمور من المحظور فكل اسم يجهل حاله يمكن أن يكون من المأمور، ويمكن أن يكون من المحظور