مطابقته للحكمة والمصلحة المقصودة المرادة لما كان كذلك إذ لو كان حسنه لكونه مقدوراً معلوماً كما يقوله النفاة لكان هو وضده سواء فإنه بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير فكان كل معلوم مقدور أحسن الأحكام وأحسن التقادير وهذا ممتنع قال تعالى:(ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون)[المائدة: ٥٠] وقال: (ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله وهو محسن)[النساء: ١٢٥] فجعل هذا أن يختار لهم ديناً سواه ويرتضي ديناً غيره كما يمتنع عليه العيب والظلم.
وقال تعالى:(ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين)[فصلت: ٣٣]
وقال:(فقدرنا فنعم القادرون)[المرسلات: ٢٣]
وقال:(فتبارك الله أحسن الخالقين)[المؤمنون: ١٤]
فلا أحسن من تقديره وخلقه لوقوعه على الوجه الذي اقتضته حكمته ورحمته وعلمه.
وقال تعالى:(ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت)[الملك: ٣]
ولولا مجيئه على أكمل الوجوه وأحسنها ومطابقتها للغايات المحمودة والحكم المطلوبة لكان كله متفاوتاً أو كان عدم تفاوته أمراً اتفاقياً لا يحمد فاعله لأنه لم يرده ولم يقصده وإنما اتفق أن صار كذلك.
وتأمل حكمه القرآن كيف جاء في الاستعاذة من الشيطان الذي نعلم وجوده ولا نراه بلفظ: السميع العليم (١) في الأعراف وحم السجدة
وجاءت الاستعاذة من شر الإنس الذين يؤنسون ويرون بالأبصار بلفظ السميع البصير في سورة حم المؤمن فقال: (إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه فاستعذ
(١) قال تعالى: (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم) [الأعراف: ٢٠٠] وقال عز وجل: (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم) [فصلت: ٣٦] ٠