وقوله:(والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالاً من الله والله عزيز حكيم)[المائدة: ٣٨]
وسمع بعض الأعراب قارئاً يقرؤها (والله غفور رحيم) فقال: ليس هذا كلام الله، فقال: أتكذب بالقرآن؟ فقال: لا ولكن لا يحسن هذا فرجع القارئ إلى خطئه فقال: (عزيز حكيم) فقال: صدقت
وإذا تأملت ختم الآيات بالأسماء والصفات وجدت كلامه مختتماً بذكر الصفة التي يقتضيها ذلك المقام حتى كأنها ذكرت دليلاً عليه وموجبة له وهذا كقوله:(إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم)[المائدة: ١١٨] أي: فإن مغفرتك لهم مصدر عن عزة هي كمال القدرة لا عن عجز وجهل.
وقوله:(ذلك تقدير العزيز العليم)[يس: ٣٨وفصلت: ١٢والزخرف:٩] في عدة مواضع من القرآن يذكر ذلك عقيب ذكره الأجرام العلوية وما تضمنه من فلق الإصباح وجعل الليل سكناً وإجراء الشمس والقمر بحساب لا يعدوانه وتزيين السماء الدنيا بالنجوم وحراستها وأخبر أن هذا التقدير المحكم المتقن صادر عن عزته وعلمه ليس أمراً اتفاقياً لا يمدح به فاعله ولا يثنى عليه به كسائر الأمور الاتفاقية
ومن هذا ختمه سبحانه قصص الأنبياء وأممهم في سورة الشعراء عقيب كل قصة:(وإن ربك لهو العزيز الرحيم)[الشعراء: ٩، ٦٨، ١٠٤، ١٢٢، ١٤٠، ١٥٩، ١٧٥، ١٩١] فإن ما حكم به لرسله وأتباعهم ولأعدائهم صادر عن عزة ورحمة فوضع الرحمة في محلها وانتقم من أعدائه بعزته ونجى رسله وأتباعهم برحمته والحكمة الحاصلة من ذلك أمر مطلوب مقصود وهي غاية الفعل لا أنها أمر اتفاقي.
وأخبر تعالى بأن حكمه أحسن الأحكام وتقديره أحسن التقادير ولولا