وَقد روى من وَجه آخر: أصل كل دَاء الْبرد. وَمَا أبعد أَن يكون أَيْضا الْبردَة من هَذَا الْوَجْه فغلط فِيهِ بعض الروَاة على انه قد يجوز على هَذَا التَّأْوِيل ان يُسمى الاكثار بردا لِأَنَّهُ يبرد حرارة الْجُوع كَمَا سمي النّوم بردا لِأَنَّهُ يبرد حرارة فالعطش. قَالَ ذَلِك الْفراء. وَهَذَا الْمَعْنى ان صَحَّ فَهُوَ أعجب الي مِمَّا يذهب اليه النَّاس من أَن أصل كل دَاء الْبرد الَّذِي هُوَ ضد الْحر لأَنا قد نرى من الأدواء مَا يضْطَر الى أَن يعلم انه لَيْسَ عَن برد الزَّمَان وَلَا برد الطباع. وَلَا نرى دَاء يضطرنا انه لَيْسَ عَن الطّعْم. وكما قَالُوا: الدَّوَاء هُوَ الأزم. يعنون التَّخْفِيف وَالْحمية كَذَلِك الدَّاء هُوَ الشِّبَع المفرط والتخمة. وَكَانَ يُقَال: الشِّبَع دَاعِيَة البشم والبشم دَاعِيَة السقم والسقم دَاعِيَة الْمَوْت.