للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبه إلى وكيع عن المسعودي، عن القاسم - هو ابن عبد الرحمن -، والحسن - هو ابن سعد - "قيل لعبد الله بن مسعود {الذين هم على صلاتهم دائمون} [المعارج: ٢٣] {والذين هم على صلاتهم يحافظون} [المعارج: ٣٤] فقال: ذلك على مواقيتها. قالوا: ما كنا نرى ذلك إلا على تركها، قال: تركها هو الكفر (١).

وعن محمد بن المثنى: حدثنا عبد الأعلى، حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، قال: ذكر لنا أن عبد الله بن مسعود كان يقول: "إن للصلاة وقتا كوقت الحج، فصلوا الصلاة، لميقاتها" (٢).

وعن محمد بن المثنى، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا حماد بن زيد، عن يحيى بن عتيق، قال: سمعت محمد بن سيرين يقول: "إن للصلاة وقتا واحدا، فإن الذي يصلي قبل الوقت مثل الذي يصلي بعد الوقت" (٣).

ومن طريق سحنون (٤)، عن ابن القاسم، أخبرني مالك: "أن القاسم ابن محمد بن أبي بكر الصديق حين كانت بنو أمية يؤخرون الصلاة، أنه كان يصلي في بيته، ثم يأتي المسجد يصلي معهم، فكلم في ذلك الوقت، فقال: أصلي مرتين أحب إليّ من أن لا أصلي شيئا" (٥).

قال علي: فهذا يوضح أن الصلاة الأولى كانت فرضه والأخرى تطوع، فهما صلاتان صحيحتان، وإن الصلاة بعد الوقت ليست صلاة أصلا، ولا هي شيء.

وعن أسد بن موسى، عن مروان بن معاوية الفزاري: "أن عمر بن

عبد العزيز قال: سمعت الله تعالى ذكر أقواما فعابهم، فقال: {أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا} [مريم: ٥٩]، ولم تكن إضاعتهم إياها، أن تركوها، ولو تركوها لكانوا بتركها كفارا، ولكن أخروها عن وقتها (٦).

قال علي: فهذا يوضح أن الصلاة الأولى كانت فرضه والأخرى تطوع، فهما صلاتان صحيحتان، وإن الصلاة بعد الوقت ليست صلاة أصلا، ولا هي شيء.

وعن عبد الرزاق، عن معمر، عن بديل العقيلي، قال: "بلغني أن العبد إذا صلى الصلاة، لوقتها صعدت ولها نور ساطع في السماء، وقالت: حفظتني حفظك الله، وإذا صلاها لغير وقتها طويت كما يطوى الثوب الخلق فضرب بها وجهه" (٧).

ومن العجب أن بعضهم قال: معنى قول ابن عمر: "لا صلاة لمن لم يصل الصلاة لوقتها" (٨)، أي لا صلاة كاملة، وكذلك قال آخرون في قوله عليه السلام: "لا صلاة لمن لا يقيم صلبه في الركوع والسجود" (٩).

وفي


(١) إسناده ضعيف - قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله تعالى: "رواية القاسم والحسن ابن سعد عن ابن مسعود مرسلة، فإنهما لم يدركاه، وهذا الأثر رواه الطبري في "التفسير" ١٦/ ٧٤ عن ابن وكيع، عن أبيه، وفيه (الحسن بن مسعود) وهو خطأ وصوابه (الحسن بن سعد) ".
(٢) ضعيف - تقدّم تخريجه انظر الحاشية رقم (٥٠).
(٣) الإسناد من محمد بن المثنى إلى ابن سيرين صحيح لكن لا ندري ما حال الذين فيما بين ابن حزم ومحمد بن المثنى.
(٤) "المدونة" ١/ ١٧٩.
(٥) إسناده منقطع - الإمام مالك يروي عن القاسم بن محمد بواسطة، وأستبعد أن يؤخر أمراء ذلك الزمان الصلاة حتى يخرج وقتها بالكلية، إنما هو ذهاب وقتها المستحب، وحينئذ يتبيّن نكارة هذا القول المنسوب للقاسم (أصلي مرتين أحب إليّ من أن لا أصلي شيئا).
(٦) جيد دون قوله (ولو تركوها لكانوا بتركها كفارا) - أسد بن موسى، ومروان بن معاوية الفزاري: ثقتان، لكن يبقى النظر في الطريق إلى أسد بن موسى، وأيضا لم يذكروا مروان بن معاوية في تلاميذ عمر، ولا ذكروا عمر في شيوخه: فالظاهر أنه لم يلقاه، فإن عمر بن عبد العزيز توفي ١٠١ هـ، وتوفي مروان بن معاوية ١٩٣ هـ، ثم الثابت عن عمر بن عبد العزيز غير هذا، فقد أخرج الطبري في "التفسير" ١٨/ ٢١٦ من طريق عيسى، والخطيب في "المتفق والمفترق" ١/ ١٩٨، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" ٧/ ٢٧٦ - ٢٧٧ من طريق أبي المغيرة عبد القدوس بن الحجاج الخولاني، وابن عساكر ٧/ ٢٧٧ من طريق ابن المبارك، ثلاثتهم عن الأوزاعي، عن إبراهيم بن يزيد، قال: قال: عمر بن عبد العزيز:
"إن الله عز وجل ذكر قوما فقال: {أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات} ولم يكن إضاعتهم إياها تركها ولكن أضاعوا الوقت".
ليس فيه (ولو تركوها لكانوا بتركها كفارا)، وإسناده جيد، إبراهيم بن يزيد النصري: ذكره البخاري في "التاريخ الكبير" ١/ ٣٣٥ وسكت عنه، وقال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" ٢/ ١٤٥:
"إبراهيم بن يزيد الدمشقي روى عن عمر بن عبد العزيز روى عنه الأوزاعي سمعت أبي يقول ذلك.
قال وسمعت أبا زرعة يقول: هو شيخ".
وكان أحد حراس عمر بن عبد العزيز، روى عنه: الأوزاعي، ورجاء بن أبي سلمة، وسلمة بن عبد الملك العوصي، ووثقه ابن حبان ٦/ ٢٥.
(٧) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (٢٢٣٤)، وبديل العقيلي من صغار التابعين، ولا ندري عمن بلغه هذا الخبر.
(٨) أخرجه ابن حزم في "المحلى" ٢/ ٢٣٨ - ٢٣٩ معلقا، بقوله: روينا من طريق شعبة، عن يعلى بن عطاء، عن عبد الله بن حراش، وقد تقدم الكلام عليه في الحاشية رقم (٤٨)، فأغنى عن إعادته هنا.
(٩) صحيح - أخرجه ابن ماجه (٨٧١)، وأحمد ٤/ ٢٣، وابن أبي شيبة ١/ ٢٨٧، وابن سعد في "الطبقات الكبرى" ٥/ ٥٥١، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (١٦٧٨)،
ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" ١/ ٢٧٥ - ٢٧٦، والطحاوي ١/ ٣٩٤، وفي "شرح مشكل الآثار" (٣٩٠١)، وابن خزيمة (٥٩٣) و (٦٦٧) و (٨٧٢)، وابن المنذر في "الأوسط" (١٤٠٥)، وابن حبان (١٨٩١)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (٤٩٥٠)، والبيهقي ٣/ ١٠٥ عن ملازم بن عمرو، عن عبد الله بن بدر، أخبرني عبد الرحمن بن علي ابن شيبان، عن أبيه علي بن شيبان - وكان من الوفد - قال:
"خرجنا حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبايعناه وصلينا خلفه، فلمح بمؤخر عينه رجلا لا يقيم صلاته، يعني - صلبه - في الركوع والسجود، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة، قال: يا معشر المسلمين لا صلاة لمن لا يقيم صلبه في الركوع والسجود". وفيه زيادة عند بعضهم.
وإسناده صحيح رجاله كلهم ثقات.
وله شاهد من حديث أبي مسعود البدري مرفوعا "لا تجزئ صلاة الرجل حتى يقيم ظهره في الركوع والسجود".
أخرجه أبو داود (٨٥٥)، والترمذي (٢٦٥)، والنسائي (١٠٢٧) و (١١١١)، وابن ماجه (٨٧٠)، وأحمد ٤/ ١١٩ و ١٢٢.
وإسناده صحيح.

<<  <   >  >>