حاشَا لمنْ أسأرهُ في الحِجا ... والحلمُ أنْ أتبعَ روَّادَ الخنَا
أو أنْ أُرى مختضعاً لنكبةٍ ... أو لابتهاجٍ فرجاً أو مُزدهى
منْ أطعمَ اليتيمَ والمِسكينَ وال ... أسيرَ حبّاً للإلهِ ذي العُلى
ومنْ أقامَ خاشعاً لصلاتَهُ ... يُؤتى الزَّكاةَ راكعاً لمنْ أتى
ومنْ مشى جبريلُ معَ ميكالهِ ... عن جانبيهِ في الحروبِ إذا مشى
ومنْ يُنادي جبرئيلَ مُعلناً ... والحربُ قدْ قامتْ على ساقِ الردى
لا سيفَ إلاَّ ذو الفقارِ فاعْلموا ... ولا فتى إلاَّ عليٌّ في الوغى
منْ ذا لهُ حمدٌ تعالى ذكرهُ ... باللهِ مقرونٌ إذا قامَ البرى
لك النّبيُّ والوصيُّ والدٌ ... وزوجهُ وأبناءُ أصحابِ العبَا
يا أيُّها الدَّاعي إلى الحقِّ الذي ... أحيا لنا ميتَ الأمانِي باللُّها
في معدنِ الحكمةِ رُبِّيتَ وفي ... بيتِ السَّدادِ والرَّشادِ والتُّقى
محمَّداكَ أحرزا حمداً لكا ... والحسنانِ حسنُ مجدٍ وسنَا
وزادك الزيدانِ فخراً عاليا ... فوقَ الثُّريَّا والسّماك قد سمَا
ومجدُ إسماعيلَ بذاك قد ذرَا ... من المعالي قصَّرتْ عنها الذُّرا
أُبوَّةٌ لو لفَّها كواكبٌ ... لأظلمتْ من دونِها شمسُ الضُّحى
يا جبلَ اللهِ المنيفَ والذي ... يأوي إليه في الملمَّاتِ العُرى
يؤمُّ أبوابكَ طلاَّبَ الغِنى ... كما يؤمُّ البيتَ حجَّاجُ مِنى
فكلُّهم من طالبٍ وراغبٍ ... يؤوبُ عنكَ بالمرادِ والرِّضى
عشتَ رويداً وابنكَ المهديُّ في ... ظلِّ السُّرورِ والنَّعيمِ والرَّخا
يُجبى لك الأرض جميعاً حزنُها ... وسهلُها وأهلُها لك الفِدا
نعمَ النَّصورُ عمركم ونعمَ ما ... أنتَ له ذخرٌ ونعمَ المُقتقى
فاشْددْ به يداً فإنَّه لكمْ ... قصاقصٌ ضُبارمٌ عندَ الحِمى
عمَّا قليلٍ ستراهُ معلِنا ... في كلِّ منْ ناواكمْ سيفَ الفنَا
هاكَ عروساً جُليتْ شهيَّةً ... ذاتَ معانٍ نُظمتْ نظمَ الحُلى
غرَّاءَ كالماءِ الزُّلالِ رقَّةً ... وطعمُها طعمُ شهادٍ تُجتبى
عروضُ منْ أمسى يقولُ عاتباً ... أمَا صحا أمَا انتهى أمَا ارْعوى
وقال بعض بني أسد: ويقال: إنه النَّظَّار الفقعسي، وصف الحية والحمامة والصقر والقطا والفرس. أنشده الأصمعي:
نأتْ دارُ ليلى فشطَّ المزارُ ... فعيناكَ لا تطعمانِ الكرَى
ومرَّ بفرقتِها بارحٌ ... فصدَّقَ ذاكَ غرابُ النَّوى
وأضحتْ ببغدانَ في منزلٍ ... لهُ شرفاتٌ دُوينَ السَّما
وجيشٌ ورابطةٌ حولهُ ... غلاظُ الرِّقابِ كأُسدِ الشَّرى
بأيديهمُ مُحدثاتِ الصّقالِ ... سُريجيَّةٌ يختلينَ الطُّلى
ومن دونِها بلدٌ نازحٌ ... يُجيبُ به البومُ رجعُ الصَّدى
وكم دونَ بيتكَ من ضعَّفٌ ... ومن أسْودٍ حاجرٍ في مكَا
ومنْ منهلٍ آجنٍ ماؤهُ ... سدًى لا يُعاجُ به قدْ طمَا
ومن حنشٍ لا يجيبُ الرُّقا ... ةَ أسمرَ ذي حمَةٍ كالرّشا
أصمَّ صموتٍ طويلِ السُّبا ... تِ منهرتِ الشّدقِ عاري القرَى
لهُ في اليبيسِ نٌفاثٌ يطيرُ ... على جانبيهِ كجمرِ الغضَى
وعينانِ حمٌّ مآقيهما ... تبصَّانِ في هامةٍ كالرَّحا
إذا ما تثاءبَ أبدى لهُ ... مذرَّبةً عصلاً كالمُدى
كأنَّ حفيفَ الرَّحا جرسهُ ... إذا اصطكَّ أنيابهُ في الصَّفا
ولو عضَّ حرفيْ صفاةٍ إذاً ... لأنشبَ أنيابهُ في الصَّفا
كأنَّ مزاحفهُ أنسغٌ ... حُززنَ فُرادى ومنها ثُنى
وقد شاقَني نوحُ قمريَّةٍ ... طروبُ العشيِّ هتوفِ الضُّحى
من الورقِ نوَّاحةٍ باكرتْ ... عسيبَ أشاءٍ بذاتِ الغضَى
تغنَّتْ عليه بلحنٍ لها ... تهيِّجُ للصب ما قد مضَى
مطوَّقةٍ كُسيتْ زينةً ... بدعوةِ نوحٍ لها إذا دعَا
فلم أرَ باكيةً مثلَها ... تبكِّي ودمعتُها لا تُرى
أضلَّتْ فُريخاً فطافتْ لهُ ... وقد علِقتهُ حبالُ الرَّدى
فلمَّا بدا اليأسُ منهُ بكتْ ... عليهِ وماذا يردُّ البُكا