تُغلى حديدتهُ وتنكرُ لونه ... عينٌ رأتهُ في الشَّبابِ صقيلا
إنِّي حلفتُ على يمينٍ برَّةٍ ... لا أكذبُ اليومَ الخليفةَ قيلا
ما زرتُ آلَ أبي خُبيبٍ طائعاً ... يوماً أريد لبيعتي تبديلا
ولا أتيتُ نُجيدةَ بن عويمرٍ ... أرجو الهدى فيزيدني تضليلا
من نعمةِ الرَّحمنِ لا من حيلتي ... إنِّي أعدُّ له عليَّ فضولا
وشنئتُ كلَّ منافقٍ متقلِّبٍ ... وجدَ الزلازلَ دينهُ مدخولا
واهي الأمانةِ ما تزالُ قلوصهُ ... بينَ الخوارجِ هزَّةً وذميلا
من كلِّهم أمسى ألمَّ ببيعةٍ ... مسحَ الأُكفِّ تعاورُ المنديلا
أخليفةَ الرحمنِ إنَّا معشرٌ ... حنفاءُ نسجدُ بكرةً وأصيلا
عربٌ نرى لله في أموالنا ... حقَّ الزَّكاةِ منزَّلاً تنزيلا
إنَّ السُّعاةَ عصوْكَ حينَ بعثتهم ... وأتوا دواهيَ لو علمتَ وغولا
كتبوا الدُّهيمَ من العداءِ لمشرفٍ ... عادٍ يريد خيانةً وغلولا
ذخرَ الحقيبةِ لو أحطتِ بخُبرهِ ... لتركتَ منه طابقاً مفصولا
أخذوا العريفَ فقطَّعوا حيزومهُ ... بالأصبحيَّةِ قائماً مغلولا
حتَّى إذا لم يتركوا لعظامهِ ... لحماً ولا لفؤاده معقولا
جاؤوا بصكِّهمُ وأحدبَ أسأرتْ ... منه السِّياطُ يراعةً إجفيلا
نسيَ الأمانةَ من مخافةِ لقَّحٍ ... شُمسٍ تركنَ بضيعهُ مجزولا
أخذوا حمولتهُ فأصبحَ قاعداً ... لا يستطيعُ عن الدِّيارِ حويلا
يدعو أميرَ المؤمنينَ ودونهُ ... خرقٌ تجرُّ به الرِّياحُ ذيولا
كهداهدٍ كسرَ الرُّماةُ جناحهُ ... يدعو بقارعةِ الطَّريقِ هديلا
وقعَ الرَّبيعُ وقد تقاربَ خطوهُ ... ورأى بعقوته أزلَّ نسولا
كدخانِ مرتجلٍ بأعلى تلعةٍ ... غرثانَ ضرَّمَ عرفجا مبلولا
متوضِّحَ الأقرابِ فيه شبهةٌ ... نهشَ اللَّبانِ تخاله مشكولا
أخليفة الرحمن إنَّ عشيرتي ... أمسى سوامهمُ عزينَ فلولا
قومُ على الإسلامِ لما يمنعوا ... ما عونهم ويضيِّعوا التَّهليلا
وردوا اليمامةَ يطردونَ كأنَّهمْ ... قومٌ أصابوا ظالمينَ قتيلا
يحدون حدْباً ميَّلاً أشرافها ... في كلِّ مقربةٍ يدعنَ رعيلا
حتَّى إذا حبستْ تُنقِّي طِرقها ... وثنى الرِّعاءُ شكيرها المنخولا
شهريْ ربيع لا تذوقُ حلوبهم ... إلاّ حموضاً وخمةً ودويلا
وأتاهمُ يحيى فشدَّ عليهمُ ... عهدا يراهُ المسلمونَ ثقيلا
كتباً تركنَ غنيَّهمْ ذا خلَّةٍ ... بعد الغنى وفقيرهم مهزولا
فتركتُ قومي يقسمونَ أمورهمْ ... أإليكَ أم يتربَّصونَ قليلا
أنتَ الخليفةُ عدلهُ وقضاؤهُ ... وإذا أردتَ بظالمٍ تنكيلا
فادفع مظالمَ عيَّلتْ أبناءنا ... عنَّا وأنقذ شلونا المأكولا
فترى عطيَّةَ ذاكَ إن أعطيتهُ ... من ربِّنا فضلاً ومنكَ جزيلا
إنَّ الذينَ أمرتهمْ أن يعدلوا ... لم يأخذوا مما أمرتَ فتيلا
أخذوا المخاضَ من القلاصِ غلبّةً ... ظلما وتُكتبْ للأميرِ أفيلا
ولئنْ سلمتُ لأدعونَّ بطعنةٍ ... تدعُ الفرائضَ بالشُّريفِ قليلا
وإذا قريشٌ أوقدتْ نيرانها ... وثنتْ ضغائنَ بينها وذحولا
فأبوكَ سيِّدها وأنتَ أشدُّها ... زمنَ الزَّلازلِ في الزلازلِ جولا
وأبوكَ ضاربَ بالمدينةِ وحدهُ ... قوماً همُ تركوا الجميعَ شكولا
قتلوا ابنَ عفَّانَ الخليفةَ محرماً ... ودعا فلم أرَ مثلهُ مخذولا
فتصدَّعتْ من يوم ذاكَ عصاهمُ ... شققاً وأصبح سيفهمْ مسلولا
حتَّى إذا نزلتْ عجاجةُ فتنةٍ ... عمياءَ كان كتابها مفعولا
وزنت أميَّةُ أمرها فدعتْ لهُ ... من لم يكن غمراً ولا مجهولا
مروانُ أحزمهم إذا حلَّتْ به ... حدبُ الأمورِ وخيرهمْ مسؤولا
أيَّامَ رفَّعَ بالمدينةِ ذيلهُ ... ولقد يرى زرعاً بها ونخيلا
وديارَ ملكٍ خرِّبتْها فتنةٌ ... ومشيَّداً فيه الحمامُ ظليلا
أزمانَ قومي والجماعةَ كالذي ... لزمَ الرَّحالةَ أن تميلَ مميلا
خبر كعب بن زهير