للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: ثمَّ البعيث، مالك وله، قلت: اعترض دون غسان يفضله علي، قال: ثمَّ الفرزدق، مالك وله، قلت: أعان علي البعيث، قال: فما قلت له، فقال قلت:

تمنَّى رجالٌ من تميمٍ ليَ الرَّدى ... وما ذاد عن أحسابهم ذائدٌ مثلي

كأنَّهم لا يعلمونَ مواطني ... وقد جرَّبوا أنِّي أنا السَّابقُ المبلي

فلو شاءَ قومي كانَ حلمي فيهمُ ... وكانَ على جهَّالِ أعدائهم جهلي

وقد زعموا أنَّ الفرزدق حيَّةٌ ... وما قتلَ الحيَّاتِ من أحدٍ قتلي

قال: فما زال يقول: ثمَّ من، فأخبره وأنشده حتَّى بزغ الصبح، ونهضنا. فأخبرني من كان معه قاعداً. أنه قال: قاتله الله أعرابياً إنه لجرو حراش.

[وقصيدته المناقضة]

ألا أيُّها القلبُ الطَّروبُ المكلَّفُ ... أفقْ ربَّما ينأى هواكَ ويُسعفُ

ظللتُ وقد أخبرتَ أن لستُ جازعاً ... لربعٍ بسلْمانينِ عينكَ تذرفُ

بأهليَ أهلُ الدَّارِ إذ يسكنوها ... وجادكَ من دارٍ ربيعٌ وصيِّفُ

سمعتُ الحمامَ الوُرقَ في رونقِ الضُّحى ... بذي الرِّمثِ من وادي المراضينِ تهتفُ

فكنتُ كذاتِ البَو تعرفُ ريحهُ ... وتحنو عليهِ تارةً ثمَّ تصدفُ

أتزعمُ أنَّ البينَ لا يشعفُ الفتى ... بلى مثلَ بيني يومَ لُبنانَ يشعفُ

وطالَ حذاري غُربةَ البينِ في النَّوى ... وأحدوثةٌ من كاشحٍ يتقوَّفُ

ولو علمتْ علمي أمامةُ كذَّبتْ ... مقالةَ من يبغي عليَّ ويعنفُ

نظرتُ أمامي نظرةً قادها الهوى ... وألحى المهارى يومَ عُسفانَ ترجفُ

ترى العرمسَ الوجناءَ يدمى أظلُّها ... وتُحذى نعالاً والمناسمُ ترعفُ

مددنا لذاتِ البغيِ حتَّى تقطَّعتْ ... أزابيُّها والشَّدقميُّ المعلَّفُ

ضرحنَ حصى الموماةِ حتَّى عيونها ... مهجِّجةٌ أبصارهنَّ وذرَّفُ

كأنَّ دياراً بينَ أسنمةِ النَّقا ... وبينَ هذاليلِ النَّحيزةِ مصحفُ

ولستُ بناسٍ ما تغنَّتْ حمامةٌ ... ولا ما ثوى بينَ الجناحين زفزفُ

ديارا من الحيِّ الذين بحبِّهمْ ... زمانَ القرى والصَّارخُ المتلهَّفُ

عليهم من الماذيّ كلُّ مفاضةٍ ... دلاصٍ لها ذيلٌ حصينٌ ورفرفُ

وما شهدتْ يومَ الغبيطِ مجاشعٌ ... وذا نجبٍ يومَ الأسنَّةِ ترعفُ

ألمْ ترَ أنَّ الله أخزى مجاشعاً ... إذا ضمَّ أفواجَ الحجيجِ المعرَّفُ

تحدَّثَ ركبانُ الحجيجِ بجارهم ... إذا انحدروا من نخلتينِ وأوجفوا

فإنَّ الحواريَّ الذي غرَّ حبلكمْ ... له البدرُ كابٍ والكواكبُ كسَّفُ

ويومَ مِنى نادتْ قريشٌ بجاركمْ ... ويومَ الهدايا بالمشاعرِ عكَّفُ

وقائلةٍ ما للفرزدقِ لا يُرى ... على السِّنِّ يستغني ولا يتعفّفُ

وما زلتَ موقوفاً على كلِّ خزيةٍ ... وأنت بدارِ المخزياتِ موقَّفُ

ألم ترَ أنَّ النَّبعَ يصلبُ عودهُ ... ولا يستوي والخِروعُ المتقصِّفُ

ولا يستوي عقرُ الكزومِ بصوأرٍ ... وذو التَّاجِ تحتَ الرايةِ المتسيِّفُ

عرفتمْ لنا الغرَّ السَّوابقَ قبلكم ... وكان لقيْنَيكَ السُّكيْتُ المخلَّفُ

فوارسنا الحوَّاطُ والثَّغرُ دونهم ... وأردافنا المحبوُّ والمتنصَّفُ

أتعدلُ كهفاً لا ترامُ حصونهُ ... بهاري المراقي جوله يتقصَّفُ

عجبتُ لصهرٍ ساقكم آلَ درهم ... إلى صهر أقيانٍ يلامُ ويصلفُ

لئيمانِ هذي يدَّعيها ابن درهمٍ ... وهذا ابن قينٍ جلدهُ يتوسَّفُ

وخالفتهمُ للُّؤمِ يا آلَ درهمٍ ... خلافَ النَّصارى دينَ من يتحنَّفُ

يقولونَ كلاَّ ليسَ للقينِ غالبٍ ... بلى إنَّ ضربَ القينِ بالقينِ يعرفُ

ترفَّقتَ بالكيرينِ قينَ مجاشعٍ ... وأنتَ بهزِّ المشرفيَّةِ أعنفُ

ويذكرُ هزَّ السَّيفِ قينُ مجاشعٍ ... ويعرفُ كفَّيهِ الإناءُ المكتَّفُ

لحى الله من ينبو الحسامُ بكفِّهِ ... ومن يدخل الماخورَ في الحجلِ يرسفُ

فلو كنتَ منَّا يا فرزدقُ ما نبا ... ولكن مضى صافي الحديدةِ مرهفُ

فأنتمْ بنو الخوَّارِ يعرفُ ضربكمْ ... وأمَّاتكمْ فُتخُ القدامِ وخيضفُ

<<  <   >  >>