للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ش: يعني ومن أجل أن النفي المجرد ليس فيه مدح ولا كمال، نجد أن جميع ما وصف الله به نفسه من النفي متضمناً لإثبات أوصاف الكمال، ثم مثل المؤلف لهذا النفي الذي وصف الله نفسه فقال: "كقوله: {لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ} لكمال حياته وقيوميته وقوله: {وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا} لكمال قوته، وقوله: "وما مسنا من لغوب" لكمال قدرته، وقوله: {لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} يعني لعظمته واحاطته بما سواه، وقد أوضح المؤلف تضمن الآيات الكريمات التي استشهد بها أوصاف المدح والكمال لله، فهو نفي متضمن للمدح، والقيوم، هو القائم بنفسه المقيم لغيره فجميع الموجودات مفتقرة إليه وهو غني عنها، ولا قوام لها بدون أمره كما قال تعالى: {وَمِنْ آياته أن تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ} وفي الصحيحين من دعائه صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل "اللهم لك الحمد أنت رب السموات والأرض، ولك الحمد أنت قيوم السموات والأرض وما فيهن، ولك الحمد أنت نور السموات والأرض" الحديث، ومن أجل أنه لا يعتريه نقص ولا غفلة ولا ذهول عن خلقه أردف اسم الحي والقيوم بنفي السنة والنوم "والسنة" الوسن والنعاس، "والنوم" أثقل من ذلك فهو "سبحانه" قائم على كل نفس بما كسبت، شهيد على كل شيء ولا يغيب عنه شيء، وفي الصحيحين عن أبي موسى "رضي الله عنه" قال: "قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع كلمات فقال: أن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور لو كشفه لا حرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه"،والكلال مصدر، كل يكل كلا وهو التعب قال الأعشى:

فآليت لا أرثى لها من كلالة ... ولا من وجى حتى تلاقي محمدا

فمادة كل تدل على الضعف والإعياء، يقال: كل الرجل يكل كلا

<<  <  ج: ص:  >  >>