للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإرادة والسر والبصر والقدرة والعلم وكل ما استدل به على نفى القدرة والعلم والسمع والبصر، أمكن منازعة أن يتدل بنظيره على نفى العليم والقدير والسميع والبصير وكل ما استدل به على نفى هذه الأسماء يمكن منازعة أن يتدل به على نفي الموجود والواجب.

والحاصل أن ما نفوه هو من جنس ما أثبتوه من حيث لزوم المحذور أو عدم لزومه، فإن كان المعنى المصروف إليه حقا ممكنا لا يقتضى تشبيها فالمعنى المصروف عنه حق ثابت لا يقتضى تشبيها، وأن كان المصروف عنه باطلا ممتنعا يقتضى تشبيها فالمعنى المصروف إليه مثله.

قوله:

وهؤلاء الذين ينفون التأويل مطلقا، ويحتجون بقوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تأويلهُ إِلَّا اللَّهُ} قد يظنون أنا خوطبنا في القرآن بما لا يفهمه احد، أو بما لا معنى له، أو بما لا يفهم منه شيء. وهذا مع أنه باطل فهو متناقض، لأنا إ ذا لم نفهم منه شيئا لم يجز لنا أن نقول له تأويل يخالف الظاهر ولا يوافقه، لا مكان أن يكون له معنى صحيح، وذلك المعنى الصحيح لا يخالف الظاهر المعلوم لنا، فإنه لا ظاهر له على قولهم فلا تكون دلالته على ذلك المعنى دلالة على خلاف الظاهر، فلا يكون تأويلا.

ولا يجوز نفي دلالته ملى معان لا نعرفها على هذا التقدير. فإن تلك المعان التي دل عليها قد لا تكون عارفين بها، ولأنا إذا لم نفهم اللفظ ومدلوله فلان لا نعرف المعاني التي لم يدل عليها اللفظ أولى، لأن إشعار اللفظ بما يراد به أقوى من إشعاره بما لا يراد به! فإذا كان اللفظ لا إشعار له بمعنى من المعاني ولا يفهم منه معنى أصلا لم يكن مشعرا بما أريد به، فلان لا يكون مشعرا بما لم يرد به أولى

<<  <  ج: ص:  >  >>