للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقرؤون آية في كتابكم لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا، قال: وأية آية؟ قالوا: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} ، قال عمر: والله إني لأعلم اليوم الذي نزلت فيه على رسول الله صلى الله عليه وسلم والساعة التي نزلت فيها: نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة في يوم جمعة". وأقررتم هو من الإقرار بمعنى الاعتراف. والإصر في اللغة: الثقل سمي العهد إصرا لما فيه من التشديد، والمعنى وأخذتم على ذلك عهدي. والأسباط: هم أولاد يعقوب وهم اثنا عشر ولدا وكل واحد منهم له من الأولاد جماعة. والسبط في بني إسرائيل بمنزلة القبيلة في العرب، وسموا الأسباط من السبط وهو التتابع فهم جماعة متتابعون.

الفرق بين مسمى الإيمان والإسلام

وقوله: "لم يكن مسلما ولا مؤمنا" يشير إلى أن من لم يؤمن بجميع ما بعث به محمد صلى الله عليه وسلم فليس بمسلم وبطريق الأولى نفي الإيمان عنه، لأن الإسلام يفسر بالأعمال الظاهرة والإيمان يفسر بالأعمال الباطنة كما فرق النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل عليه السلام بين مسمى الإسلام ومسمى الإيمان. وهذا إنما هو إذا ذكرا جميعا. وأما إذا ذكر أحدهما فقط فإن الآخر يدخل فيه. كما في قوله تعالى: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} الآية. وكما في قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال: " مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة طعمها طيب وريحها طيب ... الحديث" فالإسلام داخل في مسمى الإيمان. ومثال دخول الإيمان في مسمى الإسلام قوله تعالى: {وأنزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين} .

فالحاصل أن دين الأولين والآخرين من الأنبياء وأتباعهم هودين الإسلام وهو عبادة الله وحده لا شريك له، وعبادته تعالى في كل زمان ومكان تكون بطاعة رسله عليهم السلام فلا يكون عابدا له من عبده بخلاف ما جاءت به رسله، ولا يكون مؤمنا به ولا عابدا له إلا من آمن بجميع رسله وأطاع من أرسل إليه فيطاع كل رسول إلى أن يأتي الذي

<<  <  ج: ص:  >  >>