للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآلة في يد الفاعل تختلف باختلاف قوته وما يعينها وقد يعارضها مانع من الموانع وكثيرا ما تجد أدعية دعا بها قوم فاستجيب لهم ويكون قد اقترن بالدعاء ضرورة صاحبه وإقباله على الله، أو حسنة تقدمت منه جعل الله سبحانه إجابة دعوته شكرا لحسنته، أو صادف وقت إجابة ونحو ذلك فأجيبت دعوته فيظن أن السر في ذلك الدعاء فيأخذه مجردا عن تلك الأمور التي قارنته من ذلك الداعي. قال الشيخ: وهذا كما إذا استعمل رجل دواءً نافعا في الوقت الذي ينبغي فانتفع به فظن آخر أن استعمال هذا الدواء بمجرده كاف في حصول المطلوب كان غالطا، فالأدعية والتعوذات والرقي بمنزلة السلاح والسلاح بضاربه لا بحده فقط فمتى كان السلاح سلاحا تاما والساعد ساعدا قويا والمحل قابلا والمانع مفقودا حصلت به النكاية في العدو، ومتى تخلف واحد من هذه الثلاثة تخلف التأثير، فإذا كان الدعاء في نفسه غير صالح أو الداعي لم يجمع بين قلبه ولسانه في الدعاء، أو كان ثَمّ مانع من الإجابة لم يحصل الأثر. والشاهد من آية الأعراف أن لله أخبر أن إنشاء السحاب سبب للمطر، روى أبو الفرج بن الجوزي بإسناد يرفعه إلى عبيد بن عمير أنه قال: "يبعث الله ريحا فتقم الأرض، ثم يبعث المثيرة فتثير السحاب وذلك أنها تحمل الماء فتمجه في السحاب، ثم يمر به فيدر كما تدر اللقحة"، وقد روي في الأثر: "أن الرياح أربع: ريح تقم وريح تثير فتجعله كسفا وريح تؤلف، فتجعله ركاما، وريح تمطر". وروي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "إن الله تعالى يرسل الرياح فتثير سحابا، وينزل عليه المطر فتتمخض به الريح كما تمخض النتوج بولدها" وأن الماء سبب لإنبات النبات، قال تعالى: {وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيج} والشاهد من آية المائدة والبقرة: أن القرآن الكريم سبب في الهداية لقوم، ويكون سبب في الإضلال، لقوم آخرين كما بين الله ذلك بقوله: {إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>