للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالممتنعات، فإن من ليس بموجود ولا معدوم، ولا حي ولا ميت، ولا عالم ولا جاهل، ممتنع الوجود وكما يمتنع وصف الشيء بالعلم والجهل بمسألة معينة، والحياة والموت الحقيقيين والوجود والعدم يمتنع كذلك سلب هذه المتقابلات فإنهما نقيضان يلزم من ثبوت أحدهما ارتفاع الآخر، وإذا قال هذا الغالي: لا يلزم التشبيه بما اجتمع فيه النقيضان من الممتنعات، إلا إذا نفيتهما عن محل قابل لهما، قيل له: فما لا يقبل الاتصاف بالحياة والموت والعلم والجهل ونحو ذلك من المتقابلات أنقص مما يقبل ذلك فالأعمى الفاقد لصفة البصر أكمل من الجماد، لأنه وإن كان فاقدا للبصر فهو قابل للاتصاف به بخلاف الجماد، فإنه ليس من شأنه الاتصاف بالبصر أو العمى.

فأنت فررت من تشبه بالحيوانات القابلة لصفات الكمال، ووصفته بصفات الجمادات التي لا تقبل الاتصاف بالكمال أو النقص. وقيل له ثانيا: بالنسبة لنفي الوجود والعدم – قولك لا يقبل الوجود والعدم – تشبيه لله بأعظم الممتنعات، فإن من ينفي عنه الوجود والعدم ممتنع، ومن ينفي عنه قبول الوجود والعدم أعظم امتناعا منه، وكذلك من يوصف بالوجود والعدم معاً ممتنع أيضا، ومن ينفي عنه قبول الوجود والعدم، أعظم امتناعا منه، فقد فررت من تشبيه الممتنع الأسهل امتناعا، ووقعت في تشبيه بالأشد امتناعا، وهو معنى قول المؤلف، وإذا كان هذا ممتنعاً في صرائح العقول كان أعظم امتناعا.

وأما قولك: وهذان يتقابلان تقابل العدم والملكة لا تقابل السلب والإيجاب فجوابنا عليه أن نقول: أولا هذا لا يصح بالنسبة للوجود والعدم، فإن التقابل بينها تقابل نقيضين باتفاق العقلاء، فيلزم ثبوت أحدهما انتفاء الآخر.

وثانيا قولك: وما لا يقبل الحياة والموت والعلم والجهل والعمى

<<  <  ج: ص:  >  >>