للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذاهبا إلا أخوك١, وما ذاهبا إلا جاريتك تريد: ما أحد ذاهبًا, وهذا رديء لا يحذف "أحد" وما أشبهه حتى يكون معه كلام نحو: ما منهما مات حتى رأيته يفعل كذا وكذا, و"مات" في موضع نصب على مفعول "ما" في لغة أهل الحجاز/ ٨٣ وفي كتاب الله تعالى: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِه} ٢. والمعنى: ما من أهل الكتاب أحد, {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} ٣. أي: وإن أحد منكم, ومعنى: "إن" معنى: "ما" فقد بان أن في "ما" ثلاث لغات: ما زيد قائمًا وما زيد بقائم وما زيد قائم, والقرآن جاء بالنصب٤ وبالباء ومما شبه من الحروف بـ"ليس" "لات" شبهها بها أهل الحجاز وذلك مع الحين خاصة, قال الله تعالى: {وَلاتَ حِينَ مَنَاص} ٥ قال سيبويه٦: تضمر فيها مرفوعًا, قال: نظير "لات" في أنه لا يكون إلا مضمرًا فيها "ليس" و"لا يكون" في الاستثناء إذا قلت: أتوني ليس زيدًا, ولا يكون


١ في "ب" أخواك.
٢ النساء: ١٥٩، قال الزمخشري في الكشاف جـ١/ ٣١٢، جملة "ليؤمن به" جملة قسمية واقعة صفة لموصوف محذوف تقديره: "وإن من أهل الكتاب أحد إلا ليؤمن به". والمعنى: وما من اليهود والنصارى أحد إلا ليؤمنن قبل موته بعيسى، وبأنه عبد الله ورسوله. وفي البحر المحيط ٣/ ٣٩٢: قال الزجاج: وحذف أحد لأنه مطلوب في كل نفي. يدخله الاستثناء نحو: ما قام إلا زيد معناه: ما قام أحد إلا زيد.
وقال: قال أبو حيان مشيرا إلى كلام الزمخشري: وهو غلط فاحش، صفة "أحد" الجار والمجرور، وهو من أهل الكتاب. وجملة "ليؤمنن به" جواب القسم المحذوف، القسم وجوابه في موضع رفع خبر المبتدأ الذي هو "أحد" المحذوف، وانظر المغني ١/ ١٦٦.
٣ مريم: ٧١.
٤ من ذلك قوله تعالى: {مَا هَذَا بَشَرًا} . {مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ} .
٥ ك ص: ٣.
٦ سيبويه: هو أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر إمام البصريين في النحو غير منازع، أصله من فارس. ونشأ بالبصرة، وكان في لسانه حبسة، أخذ النحو عن أعلم العلماء العربية الخليل بن أحمد الفراهيدي، وعيسى بن عمرو، ويونس بن حبيب، وكتابه أعظم كتب النحو منذ دون للآن.
قيل: مات بشيراز سنة ١٨٠هـ عن ٣٢ سنة. وقيلت أقوال كثيرة غير ذلك. وقد ذكر السيرافي نسبه بالتفصيل: انظر شرح الكتاب جـ١/ ٣٠٨ وأخبار النحويين/ ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>