اعلم: أن الأماكن ليست كالأزمنة التي يعمل فيها كل فعل فينصبها نصب/ ٢١٤ الظروف, لأن الأمكنة: أشخاص له خلق وصور تعرف بها كالجبل والوادي, وما أشبه ذلك, وهن بالناس أشبه من الأزمنة لذلك وإنما الظروف منها التي يتعدى إليها الفعل الذي لا يتعدى ما كان منها مبهمًا خاصة, ومعنى المبهم أنه هو الذي ليست له حدود معلومة تحصره. وهو يلي الاسم من أقطاره نحو: خلف وقدام وأمام ووراء وما أشبه ذلك, ألا ترى أنك إذا قلت: قمت خلف المسجد لم يكن لذلك الخلف نهاية تقف عندها, وكذلك إذا قلت: قدام زيد. لم يكن لذلك حد ينتهي إليه فهذا وما أشبهه هو المبهم الذي لا اختلاف فيه أنه ظرف.
وأما مكة والمدينة والمسجد والدار والبيت فلا يجوز أن يكن ظروفًا, لأن لها أقطارًا محدودة معلومة تقول: قمت أمامك وصليت وراءك, ولا يجوز أن تقول: قمت المسجد/ ٢١٥ ولا قعدت المدينة ولا ما أشبه ذلك, والأمكنة تنقسم قسمين منها ما استعمل اسمًا يتصرف في جميع الإِعراب وظرفًا ومنها ما لا يرفع ولا يكون إلا ظرفًا. فأما الظروف التي تكون اسمًا فذكر سيبويه: أنها خلفك, وقدامك, وأمامك, وتحتك, وقبالتك, ثم قال: