اعلم: أن أصل الدعاء أن يكون على لفظ الأمر وإنما استعظم أن يقال: أمرٌ، والأمر لمن دونَك، والدعاء لمن فوقك, وإذا قلت: اللهم اغفر لي فهو كلفظك إذا أمرت فقلت: يا زيدُ أكرم عمرًا وكذلك إذا عرضت فقلت: انزل, فهو على لفظ اضربْ, وقد يجيء الأمر والنهي والدعاء على لفظ الخبر إذا لم يلبس, تقول: أطالَ الله بقاءهُ, فاللفظُ لفظ الخبر والمعنى دعاءٌ ولم يلبسْ لأنك لا تعلم أنّ الله قد أطالَ بقاءهُ لا محالة, فمتى أُلبسَ شيءٌ مِنْ ذَا بالخبر لم يجز حتى يبينَ, فتقول على ذا: لا يغفر الله لَهُ ولا يرحمهُ, فإن قلت: لا يغفرُ الله لَهُ ويقطعُ يدهُ لم يجز أن تجزم "يقطعُ" لأنهُ لا يشاكل الأول؛ لأنَّ الأول دعاءٌ عليه, وإذا جزمتَ "يقطعُ" فقد أردت: ولا يقطعُ الله, فهذا دعاء له فلا يتفق المعنى. وإذا لم يتفق لم يجز النسق،