إذا شغلت حروف المجازاة بحرف سواها لم تجزم, نحو: إنْ وكان وإذا عَمِلَ في حرف المجازاة الشيءُ الذي عمل فيه الحرف لم يغيره نحو قولك: مَنْ تَضربْ يَضربْ, وأيًّا تَضربْ يَضربْ, فَمَن وأي قد عملت في الفعل، وعمل الفعلُ فِيهما.
واعلم: أنه لا يجوز الجواب بالواو، ولو قلت: مَنْ يخرجُ الدلو لَهُ درهمانِ، رفعت "يخرجُ" وصار استفهاما, وإن جزمت لم يجز إلا بالفاء, وتقول: مَنْ كانَ يأتينا وأيٌّ كانَ يأتينا نأتيهِ، أذَهبتَ المجازاة لأنكَ قد شغلت "أيا ومَنْ" عن "يأتينا". وحكى الأخفش:"كنتُ ومَنْ يأتني آته" يجعلون الواو زائدة في "بابِ كانَ" خاصةً, وإن توصل "بما" فتقولَ: أمَّا تقمْ أقمْ, تدغم النون في الميم وتوصل "بلا" تقول: ألا تقمْ أقمْ إلا أن "ما" زائدة للتوكيد فقط و"لا" دخلت للنفي, والكوفيون يقولونَ: إذا وليت أنَّ الأسماءَ فُتحت، يقولون: أما زيدٌ قائمًا تقمْ, والفراء يقول: إن نية الجزاء على تقديم الفعل نحو قولك: أقوم إن تقم, وإنْ شرطٌ للفعلِ, وقالَ الكسائي: إنْ شرطٌ والجزاء الفعل الثاني وهذا الذي ذكره الفراء مخالف لمعنى الكلام, وما يجب من ترتيبه وللاستعمال, وذلكَ أنَّ كُل شيءٍ يكون سببًا لشيءٍ أو علةً لهُ فينبغي أن تقدم فيه العلةُ على المعلولِ, فإذا قلت: إن تأتني أعطكَ درهمًا فالإِتيانُ سببٌ للعطيةِ, بهِ يستوجبها, فينبغي أن يتقدم وكذلك إذا قلت: إنْ تعصِ اللَّهَ تدخلِ النَّارَ، فالعصيان سبب لدخول النار فينبغي أن يتقدم فأما قولهم: أَجيئكَ إنْ جئتَني، وإنك إنْ تأتني، فالذي عندنَا أن هذا الجواب محذوف كفى عنه الفعل المقدم وإنَّما يستعملُ هذا على جهتين: إما أنْ يضطر إليه الشاعر فيقدم الجزاء للضرورة وحقه التأخير, وإما أن تذكر الجزاء بغير شرط ولا نية فيه فتقول: أَجيئكَ, فيعدُكَ بذلكَ على كل حال ثم يبدو له ألا يجيئك بسبب فتقول: إنْ جئتني ويستغنى عن الجواب بما قدم, فيشبه الاستثناء وتقول: اضربْ إنْ تضربْ زيدًا, تنصبُ زيدًا بأي الفعلين شئت ما لم يلبسْ, فإذا قدمت فقلتَ: اضربْ زيدًا إنْ تضربْ، فإنما