للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنصب زيدًا بالأول ولا تنصب بالثاني؛ لأن الذي ينتصبُ بما بعد الشروط لا يتقدم، وكذلك يقول الفراءُ ولا يجوزُ عنده إذا قلت: أَقوم كي تضربَ زيدًا, أنْ تقول: أقوم زيدًا كي تضرب, والكسائي يجيزهُ وينشد:

وشِفَاءُ غَيِّكَ خابرًا أنْ تسألي١

وقال الفراء: "خَابرًا" حال من النفي: قمتُ كي تقومَ، وأقومُ كَيْ تقومَ, فهذا خلاف الجزاء لأن الأول وإن كان سببًا للثاني فقد يكون واقعًا ماضيًا والجزاء ليس كذلك، وهم يخلطونَ بالجزاء كل فعل يكونُ سببًا لفعلٍ, والبصريونَ يقتصرون باسم الجزاء على ما كانَ لهُ شرطٌ وكان جوابه مجزومًا وكان لِما يستقبلُ. وتقول: إنْ لم تقمْ قمتُ فلم في الأصل تقلب المستقبل إلى الماضي؛ لأنها تنفي ما مضى فإذا أدخلت عليها إنْ أحالت الماضي إلى المستقبل, وأما "لا" فتدع الكلام بحاله إلا ما تحدثه مِنَ النفي تقول: إنْ لا تقمْ أقَمْ, وإنْ لا تقمْ وتحسنُ آتكَ، وقوم يجيزون: إنْ لا تقمْ وأَحسنت آتكَ ويقولون: إذا أردت الإِتيانَ بالنسقِ جاز فيه الماضي, فإذا قلت: إنْ لَم تقمْ وتحسنُ آتكَ جاز معه الماضي إذا كان الأول بتأويلِ الماضي تقولُ: إنْ لم تقمْ ورغبتَ فينا نأتكَ, وتقول: إنْ تقمْ فأقومُ فترفعُ إذا أدخلت الفاءَ؛ لأن ما بعد الفاءِ استئنافٌ يقع فيه كل الكلام، فالجوابُ حقهُ أنْ يكونَ على قدر الأول إنْ كان ماضيًا فالجوابُ ماضٍ, وإنْ كانَ مستقبلًا فكذلك. وتقول: إنْ تقمْ وتحسنُ آتكَ، تريد: إنْ تجمع مع قيامِكَ إحسانًا آتك، وكذلك: إنْ تقمْ تحسنُ آتكَ، تريد: إنْ تقمْ محسنًا، ولم ترد:


١ عجز بيت لربيعة بن مقروم التميمي "مخضرم، أدرك الجاهلية والإسلام" صدره:
هلا سألت وخبر قوم عندهم ... وشفاء غيك خابرا
والشاهد: تقديم "خابرًا" على أن نادر وهو منصوب بفعل يدل عليه المذكور والتقدير: تسألين خابرًا. والخابر: العالم, والغي بفتح الغين مصدر غوى غيًّا أي: انهمك في الجهل، وهو خلاف الرشد. وانظر الخزانة ٣/ ٥٦٤, وشرح الجمل لابن عصفور/ ٦٢٧ مخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>