للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب العطف على عاملين]

اعلم: أن العطف على عاملين، لا يجوز من قبل أن حرف العطف إنما وضع لينوب عن العامل، ويغني عن إعادته، فإن قلت: قامَ زيدٌ وعمرٌو فالواو أغنت عن إعادة "قام" فقد صارت ترفع كما يرفع قامَ, وكذلك إذا عطفت بها على منصوب نحو قولك: إن زيدًا منطلقٌ وعمرًا فالواو نصبت كما نصبت "إنَّ" وكذلك في الخفض إذا قلت: مررت بزيدٍ وعمروٍ, فالواو جرت كما جرت الباء فلو عطفت على عاملين أحدهما يرفع والآخر ينصب, لكنت قد أحلت؛ لأنها كان تكون رافعةً ناصبة في حال قد أجمعوا على أنه لا يجوز أن تقول: مَرَّ زيدٌ بعمروٍ وبكرٌ خالدٍ, فتعطف على الفعل والباء ولو جاز العطف على عاملين لجاز هذا واختلفوا إذا جعلوا المخفوض يلي الواو, فأجاز الأخفش١ ومن ذهب مذهبه: مَرَّ زيدٌ بعمرٍو وخالدٌ بكرٍ، واحتجوا بأشياء منها قول الشاعر:

هَوِّنْ عَلَيْكَ فإنَّ الأُمورَ ... بِكَفِّ الإِلهِ مَقَادِيرُهَا

فَلَيْسَ بآتِيكَ مَنْهِيُّهَا ... ولاَ قَاصِرٍ عَنْكَ مأمورُهَا٢


١ انظر المقتضب ٤/ ١٩٥, وشرح الكافية ١/ ٢٩٩, وابن يعيش ٣/ ٢٧, والمغني ٢/ ١٠١.
٢ من شواهد سيبويه ١/ ٣١ على جواز النصب في الخبر المعطوف على خبر "ليس" وإن كان الآخر أجنبيًّا؛ لأن "ليس" تعمل في الخبر مقدمًا ومؤخرًا لقوتها، وقال ابن هشام في المغني: ومما يشكل على مذهب سيبويه قوله: هون عليك؛ لأن "قاصر" عطف على مجرور الباء، فإن كان مأمورها عطفًا على مرفوع "ليس" لزم العطف على معمول عاملين، وإن كان فاعلًا بقاصر لزم عدم الارتباط بالمخبر عنه، إذ التقدير حينئذ: فليس منهيها بقاصر عنك مأمورها.
والبيتان للأعور الشني, وكان الخليفة عمر "رضي الله عنه" كثيرًا ما يتمثل بالبيتين، وهو على المنبر.
وانظر: المقتضب ٤/ ١٩٦, والمغني ١/ ١٢٨ و٢/ ١٠١, والسيوطي/ ١٤٦, والأشباه والنظائر ٤/ ١٢, وشرح السيرافي ١/ ٤٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>