للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو عنيت غير سيرٍ، كأنك قد تنفي الكثيرَ من السيرِ الواحدِ، كما تنفيه من غير سيرٍ, يريدُ بقولِه: من غير سيرٍ أي: سيرًا بعد سيرٍ, قالَ الأخفش: الدليلُ على أن أقلَّ رجلٍ يجري مجرى رُبَّ وما أشبهها أنَّك تقول: أقلَّ امرأةٍ تقولُ ذاك فتجعلُ اللفظَ على امرأة, وأقلَّ امرأتين يقولان ذاكَ، فينفي أقلَّ، كأنه ليس له خبر، ولا تحمله إلا على الآخر، يعني: لا تحمل الفعلَ إلا على الذي أضفت إليه أقلَّ, فهذا يدل على أنه لا يشبه الأسماء, يعني إذا كان الخبر يجيء على الثاني وكذلك: أقلُّ رجال يقولون ذاك، ولا يحسن, كذلك لو قلت: أقَلُّ رجلينِ صالحانِ لم يُحسنْ, ولا يحسنُ من خبره إلا الفعل والظرف, أقلُّ رجلين صالحين في الدار وأقلُّ امرأةٍ ذاتُ جمةٍ في الدار, وأقلُّ رجلٍ ذي جمةٍ في الدار, كان جيدًا، ولو ألغيت الخبر كان مذهبه كمذهب "رُبَّ" فإنْ قلت: فما لي إذا قُلت: قلَّ رجلٌ يقولُ ذاك، وقَلّ رجلٌ قائلٌ ذاكَ, وهو صفة لا يجوز حذفه؛ فلأنك إنما قللتَ الموصوفين ولم تقللِ الرجال مفردين في الوصف، ألا ترى أنك لا تقول: قلّ رجلٌ قائلٌ ذاك إلا وأنت تريد القائلين ولست تريد أن تقلل الرجال كلهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>