للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمالَ قومٌ في الجرِّ وأَمالَ قومٌ آخرونَ على كُلِّ حَالٍ وقالوا: لم يَضْرِبْهما الذي تعلم فلم يميلوا لأَنَّ الألفَ قد ذهبتْ وقالوا: رأيتُ عِلْمًا كثيرًا فلم يميلوا لأَنَّها نونٌ١.

واعلمْ: أَنَّ بعضَ العرب مَنْ يقولُ: عَابدٌ فيميلُ يقولُ: مررتُ بمالِكَ فينصبُ لأَنَّ الكسرةَ غيرُ لازمةٍ ومما لا يمالُ أَلفهُ الحروفُ التي جاءتْ لمعنىً "حَتَّى وأَمّا وإلا" فرّقُوا بينَها وبينَ الأسماءِ٢ وأَمَالوا: أَنّى٣ لأَنّها مثلُ "أَينَ" وهيَ اسمٌ وقالوا: "أَلا" فلم يميلوا فرقوا بينَها وبينَ "ذَا" ولم يُميل و"مَا" لإِنَّها لم تمكنْ تمكَّن "ذَا" ولا تَتمُّ اسمًا إلا بصلةٍ فأشبهتِ الحروفَ وقالوا: يَا وتَا في حروفِ المعجمِ لأَنَّها أَسماءُ مَا يلفظُ بهِ. وقالوا: يَا زَيدُ "فأَمالوا لمكانِ الياءِ" ومَنْ قَالَ: هَذا مَالٌ ورأَيتُ بَابا فلا يقولُ علَى حالٍ: سِاقٌ ولا قِارٌ ولا غِابٌ وغَاب الأَجمةُ٤ لأَنَّ المعتلَّ وسطًا أَقوى فلَم يبلغْ مِن أَمرِها هَهُنَا أَنْ تُمالَ معَ مستعلٍ كما أَنَّهم لم يقولوا: بِالَ مِنْ "بُلْتُ" حيثُ لم تكنْ الإِمالةُ قويةً في المَالِ ولاَ مستحسنةً عند العامة.


١ في الكتاب ٢/ ٢٦٧ قالوا: رأيت علما كثيرا، فلم يميلوا، لأنها نون وليست كالألف في معنى ومعزى.
٢ أي: أن الفات الأسماء نحو: حبلى وعطشى وقال الخليل: لو سميت رجلا بها وامرأة جازت فيها الإمالة. وانظر: الكتاب ٢/ ٢٦٧.
٣ في الأصل "أنا" في الكتاب ٢/ ٢٦٧: ولكنهم يميلون "أنى" لأن "أنى" مثل أين، وأين كخلفك: وإنما هو اسم صار ظرفا فقرب من عطش. وانظر: المقتضب ٣/ ٥٢.
٤ الأجمة: جمع أجم، وهي مأوى الأسد.

<<  <  ج: ص:  >  >>