للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الباب١ من أجل أن تأويلها حب الشيء زيد لأن ذا اسم مبهم يقع على كل شيء ثم جعلت "حب وذا اسمًا فصار مبتدأ أو لزم طريقة واحدة تقول: حبذا عبد الله, وحبذا أمة الله/ ١٠٦". ولا يجوز حبذه لأنهما جعلا بمنزلة اسم واحد في معنى المدح, فانتقلا عما كانا عليه, كما يكون ذلك في الأمثال نحو: "أطري فإنك ناعلة"٢. فأنت تقول ذلك للرجل والمرأة لأنك تريد إذا خاطبت رجلًا: أنت عندي بمنزلة التي قيل لها ذلك٣. وكذلك جميع الأمثال إنما تحكي ألفاظها كما جرت وقت جرت. وما كان مثل: كرم رجلًا زيد! وشرف رجلًا زيد! إذا تعجبت, فهو مثل: نعم رجلًا زيد؛ لأنك إنما تمدح وتذم, وأنت متعجب. ومن ذلك قول الله سبحانه: {سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا} ٤, وقوله: {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ} ٥. وقال قوم: لك أن تذهب بسائر الأفعال إلى مذهب "نعم وبئس" فتحولها إلى "فعل" فتقول: علم الرجل زيد, وضربت اليد يده, وجاد الثوب ثوبه وطاب الطعام طعامه, وقضى الرجل زيد, ودعا الرجل زيد, وقد حكي عن الكسائي٦: أنه كان


١ قال المبرد: حبذا فإنما كانت في الأصل: حبذا الشيء، لأن "ذا" اسم مبهم يقع على كل شيء، فإنما هو حب هذا، مثل قولك: كرم هذا، ثم جعلت "حب، وذا" اسما واحدا مبتدأ ولزم طريقة واحدة على ما وصفت لك في "نعم" فتقول: حبذا عبد الله، وحبذا أمة الله.
المقتضب ٢/ ١٤٥.
٢ في اللسان: هذا المثل يقال في جلادة الرجل ومعناه أي: اركب الأمر الشديد فإنك قوي عليه، وأصل هذا أن رجلا قاله لراعية له، كانت ترعى في السهولة وتترك الحزونة فقال لها: "أطري" أي: خذي في أطرار الوادي، وهي نواحيه فإنك ناعلة، أي: فإن عليك نعلين. وروي: أظري بالظاء المعجمة، أي: اركبي الظرر وهو الحجر المحدد. وانظر أمثال الميداني ١/ ٤٣٠.
٣ في المقتضب ٢/ ١٤٥: التي قيل لها هذا وهذه العبارة منقولة حرفيا من المقتضب.
٤ الأعراف: ١٧٧.
٥ الكهف: ٥.
٦ الكسائي: هو الحسن علي بن حمزة، كان إماما في النحو واللغة والقراءة. مات سنة ١٨٩، وقيل سنة ١٩٣هـ. ترجمته في: تاريخ بغداد ١١/ ٤٠٣. الفهرست/ ٢٩. تهذيب اللغة ١/ ٧. معجم البلدان ٢/ ٢٨. نزهة الألباء/ ٨١. شذرات الذهب ١/ ٣٢١. إنباه الرواة ٢/ ٢٥٦. طبقات الزبيدي/ ١٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>