للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذَا أنا وجدنَا الألِفَ قد أُبدلتْ في بَعض المواضعِ مِنُ الياءِ الساكنةِ ولم نجدها مبدلةً مِنَ الواوِ الساكنةِ وذلكَ قولُهم في "طَيىءٍ طائي وإِنَّما هُوَ: طيِّئي" فقلبوا الياءَ ألفًا. وقالَ الأخفش: إِنَّهم يقولونَ في "الحِيرةِ" حَارِي١ قالَ أَبو بكر: فلو قالوا: حَيْحَيتُ لاجتمعتِ الياءات٢، ولا يكونُ ذلكَ في ذواتِ الواوِ لأَنَّهُ لا يجوزُ أَنْ تقول: "قَوْقوتُ" لأنَّ الواوَ إِذا صارتْ رابعةً انقلبتْ ياءً وإِذَا كانتِ الياءُ رابعةً لم تُقلبْ إِلى غيرِها في مثلِ هذا فقولُكَ: "قَوْقَيْتُ" لمْ يجتمعْ في الحرفِ واوانِ ولو قلتَ: حيحيت "لاجتمعت٣" ياءانِ.

[قال أبو بكرُ] ٤: وكانَ القياسُ عندي أَنْ تظهرَ الياءُ ولكنَّهم تنكبوا ذلكَ استثقالًا للياءينِ أن يتكررا معَ الحاءِ في "حَاْحَيْتُ" والعينُ في "عَاعَيْتُ" وخَفَّ ذلكَ في ذواتِ الواوِ لإختلافِ اللفظِ بما أَوجبتهُ العلةُ وَمَعَ ذلكَ فإِنَّ هذَا الفعلَ بنيَ مِنْ صوتٍ الألفُ فيهِ أَصلٌ ليستْ منقلبةً مِنْ شيءٍ أَلا تَرَى أَنَّ الحروفَ والأصواتَ كلها مبنيةٌ على أَصولها ووجدناهم قد قلبوا الألفات في بعضِ الحروفِ إِلى الياءِ نحو: عَليهِ وإِليهِ فلمَّا قلبتِ الألفُ إِلى الياءِ وجبَ أَنْ تقلبَ الياءُ إِلى الألفِ والدليلُ أيضًا على أَنَّ الأَلفات في


١ النسب إلى الحيرة: حاري، لأنهم استثقلوا اجتماع الكسرتين مع الياءات فأبدلوا من كسر الحاء فتحة، ومن الياء ألفًا.
وانظر: الحجة في القراءات ١/ ٦٢ وابن يعيش ١٠/ ١٨.
٢ لأنه من مضاعف الياء ونظيره قوقيت من مضاعف الواو، وإنما قلبوا الواو ألفًا لشبهها بها، ولأن العرب كرهوا تكرر الياءين وليس بينهما إلا حرف واحد فقلبوا الياء ألفًا، ولم يقولوا في "قوقيت" قاقيت، لأن الواو التي هي لام قد انقلبت ياء.
وانظر: المنصف ٢/ ١٧٠.
٣ في "ب" لاجتمع.
٤ زيادة من "ب".

<<  <  ج: ص:  >  >>